جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَابَآئِهِمۡ وَذُرِّيَّـٰتِهِمۡ وَإِخۡوَٰنِهِمۡۖ وَٱجۡتَبَيۡنَٰهُمۡ وَهَدَيۡنَٰهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (87)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرّيّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىَ صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ } . .

يقول تعالى ذكره : وهدينا أيضا من آباء هؤلاء الذين سماهم تعالى ذكره ومن ذرّياتهم وإخوانهم آخرين سواهم لم يسمهم للحقّ والدين الخالص الذي لا شرك فيه ، فوفقناهم له . وَاجْتَبَيْنَاهُمْ يقول : واخنترناهم لديننا وبلاغ رسالتنا إلى من أرسلناهم إليه ، كالذي اخترنا ممن سمينا يقال منه : اجتبى فلان لنفسه كذا : إذا اختاره واصطفاه يجتبيه اجتباء . وكان مجاهد يقول في ذلك ، ما :

حدثني به محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله الله تعالى ذكره : وَاجْتَبَيْنَاهُمْ قال : أخلصناهم .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

وَهَدَيْنَاهُمْ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ يقول : وسدّدناهم فأرشدناهم إلى طريق غير معوّج ، وذلك دين الله الذي لا عوج فيه ، وهو الإسلام الذي ارتضاه الله ربنا لأنبيائه ، وأمر به عباده .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَابَآئِهِمۡ وَذُرِّيَّـٰتِهِمۡ وَإِخۡوَٰنِهِمۡۖ وَٱجۡتَبَيۡنَٰهُمۡ وَهَدَيۡنَٰهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (87)

{ ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم } عطف على { كلا } أو { نوحا } أي فضلنا كلا منهم ، أو هدينا هؤلاء وبعض آبائهم وذرياتهم وإخوانهم فإن منهم من لم يكن نبيا ولا مهديا . { واجتبيناهم } عطف على { فضلنا } أو { هدينا } . { وهديناهم إلى صراط مستقيم } تكرير لبيان ما هدوا إليه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَابَآئِهِمۡ وَذُرِّيَّـٰتِهِمۡ وَإِخۡوَٰنِهِمۡۖ وَٱجۡتَبَيۡنَٰهُمۡ وَهَدَيۡنَٰهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (87)

وقوله : { ومن آبائهم } عطف على قوله : { كُلاً } . فالتَّقدير : وهدينا من آبائهم وذرّيّاتهم وإخوانهم . وجعل صاحب « الكشاف » ( مِن ) اسما بمعنى بعض ، أي وهدينا بعض آبائهم على طريقته في قوله تعالى : { من الَّذين هادوا يحرّفون } [ النساء : 46 ] . وقدّر ابنُ عطيّة ومن تبعه المعطوف محذوفاً تقديره : ومن آبائهم جمعاً كثيراً أو مهديين كثيرين ، فتكون ( مِن ) تبعيضية متعلّقة ب { هدينا } .

والذرّيَّات جمع ذرّيَّة ، وهي مَن تناسل من الآدمي من أبناء أدْنَيْن وأبنائهم فيشمل أولاد البنين وأولاد البنات . ووجه جمعه إرادة أنّ الهدى تعلّق بذرّيّة كلّ من له ذرّيّة من المذكورين للتنبيه على أنّ في هدي بعض الذرّية كرامة للجدّ ، فكلّ واحد من هؤلاء مراد وقوعُ الهدي في ذرّيَّته . وإنْ كانت ذرّياتهم راجعين إلى جدّ واحد وهو نوح عليه السّلام . ثمّ إن كان المراد بالهدى المقدّر الهُدَى المماثل للهُدى المصرّح به ، وهو هُدى النّبوءة ، فالآباء يشمل مثل آدم وإدريس عليهم السلام فإنّهم آباء نوح .