مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَمِنۡ ءَابَآئِهِمۡ وَذُرِّيَّـٰتِهِمۡ وَإِخۡوَٰنِهِمۡۖ وَٱجۡتَبَيۡنَٰهُمۡ وَهَدَيۡنَٰهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (87)

المسألة السادسة : قوله تعالى : { ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم } يفيد أحكاما كثيرة : الأول : أنه تعالى ذكر الآباء والذريات والإخوان ، فالآباء هم الأصول ، والذريات هم الفروع ، والإخوان فروع الأصول ، وذلك يدل على أنه تعالى خص كل من تعلق بهؤلاء الأنبياء بنوع من الشرف والكرامة ، والثاني : أنه تعالى قال : { ومن آبائهم } وكلمة «من » للتبعيض .

فإن قلنا : المراد من تلك الهداية الهداية إلى الثواب والجنة والهداية إلى الإيمان والمعرفة ، فهذه الكلمة تدل على أنه قد كان في آباء هؤلاء الأنبياء من كان غير مؤمن ولا واصل إلى الجنة . أما لو قلنا : المراد بهذه الهداية النبوة لم يفد ذلك . الثالث : أنا إذا فسرنا هذه الهداية بالنبوة كان قوله : { ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم } كالدلالة على أن شرط كون الإنسان رسولا من عند الله أن يكون رجلا ، وأن المرأة لا يجوز أن تكون رسولا من عند الله تعالى ، وقوله تعالى بعد ذلك : { واجتبيناهم } يفيد النبوة ، لأن الاجتباء إذا ذكر في حق الأنبياء عليهم السلام لا يليق به إلا الحمل على النبوة والرسالة .