اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمِنۡ ءَابَآئِهِمۡ وَذُرِّيَّـٰتِهِمۡ وَإِخۡوَٰنِهِمۡۖ وَٱجۡتَبَيۡنَٰهُمۡ وَهَدَيۡنَٰهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (87)

قوله : " ومِنْ آبائِهِمْ " " آبائهم " : فيه وجهان :

أحدهما : أنه مُتعلِّقٌ بذلك الفعل المقدر ، أي : وهدينا من آبائهم ، أو فضَّلنا من آبائهم ، و " مِنْ " تَبْعِيضيَّةٌ قال ابن عطية{[14427]} : " وهَدَيْنَا مِنْ آبَائِهِمْ وذرِّيَّاتهم وإخوانهم جماعات " ، ف " مِنْ " للتبعيض ، والمفعول محذوف .

الثاني : أنه معطوف على " كُلاًّ " ، أي : وفضَّلنا بعض آبائهم .

وقدَّر أبو البقاء{[14428]} هذا الوجه بقوله : " وفضلنا كلاًّ من آبائهم ، وهدينا كُلاًّ من آبائهم " . وإذا كانت للتَّبْعِيضِ دلَّت على أن آباء بعضهم كانوا مشركين .

وقوله : " وذُرِّيَّاتهم " ، أي : وذرِّيَّة بعضهم ، لأن " عيسى " و " يحيى " لم يكن لهما وَلَدٌ ، وكان في ذرية بعضهم من كان كَافِراً .

وقوله : " وإخوانهم " " واجْتَبَيْنَاهُمْ " يجوز أن يعطف على " فضَّلنا " ، ويجوز أن يكون مُسْتأنفاً وكرر لفظ الهداية توكيداً ، ولأن الهِدايةَ أصْلُ كل خير ، والمعنى : اصْطَفَيْنَاهُمْ ، وأرشدناهم إلى صراط مستقيم .


[14427]:ينظر: المحرر الوجيز 2/318.
[14428]:ينظر: الإملاء 1/251.