جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فِرۡعَوۡنَ وَثَمُودَ} (18)

قوله : هَلْ أتاكَ حَدِيثُ الجُنُودِ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : هل جاءك يا محمد حديث الجنود ، الذين تجندوا على الله ورسوله بأذاهم ومكروههم يقول : قد أتاك ذلك وعلمته ، فاصبر لأذى قومك إياك ، لما نالوك به من مكروه ، كما صبر الذين تجند هؤلاء الجنود عليهم من رسلي ، ولا يثنيك عن تبليغهم رسالتي ، كما لم يَثْنِ الذين أرسلوا إلى هؤلاء ، فإن عاقبة من لم يصدّقك ويؤمن بك منهم إلى عطب وهلاك ، كالذي كان من هؤلاء الجنود ، ثم بين جلّ ثناؤه عن الجنود من هم ؟ فقال : فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ يقول : فرعون ، فاجتُزىءَ بذكره ، إذ كان رئيس جنده ، من ذكر جنده وتُبّاعه . وإنما معنى الكلام : هل أتاك حديث الجنود فرعون وقومه وثمود وخفض فرعون ردّا على الجنود ، على الترجمة عنهم ، وإنما فتح لأنه لا يجرى وثمود .

   
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فِرۡعَوۡنَ وَثَمُودَ} (18)

و { فرعون } : اسم لملك مصر من القِبط وقد تقدم عند قوله تعالى : { ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه } في سورة الأعراف ( 103 ) .

والكلام على حذف مضاف لأن فرعون ليس بجند ولكنه مضاف إليه الجند الذين كذبوا موسى عليه السلام وآذوه . فحذف المضاف لنكتة المزاوجة بين اسمين علمين مفردين في الإبدال من الجنود .

وضُرب المثل بفرعون لأبي جهل وقد كان يلقّب عند المسلمين بفرعون هذه الأمة ، وضرب المثل للمشركين بقوم فرعون لأنهم أكبر أمة تألبت على رسول من رسل الله بعثه الله لإعتاق بني إسرائيل من ذل العبودية لفرعون ، وناووه لأنه دعا إلى عبادة الرب الحق فغاظ ذلك فرعون الزاعم أنه إله القبط وابن آلهتهم .

وتخصيص ثمودَ بالذكر من بقية الأمم التي كذَّبت الرسل من العرب مثل عاد وقوم تبّع ، ومن غيرهم مثل قوم نوح وقوم شعيب . لما اقتضته الفاصلة السابعة الجارية على حرف الدال من قوله : { إن بطش ربك لشديد } [ البروج : 12 ] فإن ذلك لما استقامت به الفاصلة ولم يكن في ذكره تكلف كان من محاسن نظم الكلام إيثارُه .

وتقدم ذكر ثمود عند قوله تعالى : { وإلى ثمود أخاهم صالحاً } في سورة الأعراف ( 73 ) . وهو اسم عربي ولكن يُطلق على القبيلة التي ينتهي نسبها إليه فيمنع من الصرف بتأويل القبيلة كما هنا .