جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا تَشۡتَرُواْ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ ثَمَنٗا قَلِيلًاۚ إِنَّمَا عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (95)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنّمَا عِنْدَ اللّهِ هُوَ خَيْرٌ لّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنّ الّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ولا تنقضوا عهودكم أيها الناس وعقودكم التي عاقدتموها من عاقدتم مؤكّديها بأيمانكم ، تطلبون بنقضكم ذلك عرضا من الدنيا قليلاً ، ولكن أوفوا بعهد الله الذي أمركم بالوفاء به يثبكم الله على الوفاء به ، فإن ما عند الله من الثواب لكم على الوفاء بذلك هو خير لكم إن كنتم تعلمون فضل ما بين العِوَضين اللذين أحدهما : الثمن القليل الذي تشترون بنقض عهد الله في الدنيا ، والآخر : الثواب الجزيل في الآخرة على الوفاء به . ثم بين تعالى ذكره فَرْق ما بين العِوَضين وفضل ما بين الثوابين ، فقال : ما عندكم أيها الناس مما تتملكونه في الدنيا وإن كَثُر فنافدٌ فانٍ ، وما عند الله لمن أوفى بعهده وأطاعه من الخيرات باق غير فان ، فلما عنده فاعملوا ، وعلى الباقي الذي لا يفنى فاحرصوا . وقوله : { وَلَنَجْزِيَنّ الّذِينَ صَبَرُوا أجْرَهُمْ بأحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ } ، يقول تعالى ذكره : وليثيبنّ الله الذين صبروا على طاعتهم إياه في السرّاء والضرّاء ، ثوابهم يوم القيامة على صبرهم عليها ومسارعتهم في رضاه ، بأحسن ما كانوا يعملُون من الأعمال دون أسوئها ، وليغفرنّ الله لهم سيئها بفضله .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَا تَشۡتَرُواْ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ ثَمَنٗا قَلِيلًاۚ إِنَّمَا عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (95)

{ ولا تشتروا بعهد الله } ، ولا تستبدلوا عهد الله وبيعة رسوله صلى الله عليه وسلم . { ثمنا قليلا } ، عرضا يسيرا ، وهو ما كانت قريش يعدون لضعفاء المسلمين ويشترطون لهم على الارتداد . { إن ما عند الله } ، من النصر والتغنيم في الدنيا والثواب في الآخرة . { هو خير لكم } مما يعدونكم . { إن كنتم تعلمون } ، إن كنتم من أهل العلم والتمييز .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَا تَشۡتَرُواْ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ ثَمَنٗا قَلِيلًاۚ إِنَّمَا عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (95)

وقوله : { ولا تشتروا بعهد الله } الآية ، هذه آية نهي عن الرشا ، وأخذ الأموال على فعل ما يجب على الأخذ أو تركه ، أو فعل ما يجب عليه تركه ، فإن هذه هي التي عهد الله إلى عباده فيها ، فمن أخذ على ذلك مالاً ، فقد أعطى عهد الله ، وأخذ قليلاً من الدنيا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَا تَشۡتَرُواْ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ ثَمَنٗا قَلِيلًاۚ إِنَّمَا عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (95)

الثمن القليل هو ما يعدهم به المشركون إن رجعوا عن الإسلام من مال وهناء عيش .

وهذا نهي عن نقض عهد الإسلام لأجل ما فاتهم بدخولهم في الإسلام من منافع عند قوم الشّرك ، وبهذا الاعتبار عطفت هذه الجملة على جملة { ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها } [ سورة النحل : 91 ] وعلى جملة { وَلاَ تتخذوا أيمانكم دَخَلاً بَيْنَكُمْ } [ سورة النحل : 94 ] لأن كل جملة منها تلتفت إلى غرض خاص مما قد يبعث على النّقض .

والثّمن : العوض الذي يأخذه المعاوض . وتقدّم الكلام على نظير هذا عند قوله تعالى : { ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً وإيّاي فاتّقون } في سورة البقرة ( 41 ) . وذكرنا هناك أن { قليلاً } صفة كاشفة وليست مقيدة ، أي أن كل عوض يؤخذ عن نقض عهد الله هو عوض قليل ولو كان أعظم المكتسبات .

وجملة { إنما عند الله هو خير لكم } تعليل للنّهي باعتبار وصف عوض الاشتراء المنهي عنه بالقلّة ، فإن ما عند الله هو خير من كل ثمن وإن عظم قدره .