نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَا تَشۡتَرُواْ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ ثَمَنٗا قَلِيلًاۚ إِنَّمَا عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (95)

ولما كان هذا خاصاً بالأيمان ، أتبعه النهي عن الخيانة في عموم العهد تأكيداً بعد تأكيد ؛ للدلالة على عظيم النقض فقال تعالى : { ولا تشتروا } ، أي : تكلفوا أنفسكم لجاجاً وتركاً للنظر في العواقب أن تأخذوا وتستبدلوا { بعهد الله } ، أي : الذي له الكمال كله ، { ثمناً قليلاً } ، أي : من حطام الدنيا وإن كنتم ترونه كثيراً ، ثم علل قلته بقوله تعالى : { إنما عند الله } ، أي : الذي له الجلال والإكرام من ثواب الدارين { هو خير لكم } ، ولا يعدل عن الخير إلى ما دونه إلا لجوج ناقص العقل ؛ ثم شرط علم خيريته بكونهم من ذوي العلم فقال تعالى : { إن كنتم } ، أي : بجبلاتكم { تعلمون * } ، أي : ممن يتجدد له علم ، ولم تكونوا في عداد البهائم ، فصار العهد الشامل للأيمان مبدوءاً في هذه الآيات بالأمر بالوفاء به ومختوماً بالنهي عن نقضه ، والأيمان التي هي أخص منه وسط بين الأمر والنهي المتعلقين به ، فصار الحث عليها على غاية من التأكيد عظمة ورتبة من التوثيق جليلة ،