جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَنَصَرۡنَٰهُمۡ فَكَانُواْ هُمُ ٱلۡغَٰلِبِينَ} (116)

وقوله : وَنَصَرْناهُمْ يقول : ونصرنا موسى وهارون وقومهما على فرعون وآله بتغريقناهم ، فَكانُوا هُمُ الغالِبِينَ لهم .

وقال بعض أهل العربية : إنما أُريد بالهاء والميم في قوله : وَنَصَرْناهُمْ موسى وهارون ، ولكنها أُخرجت على مخرج مكنيّ الجمع ، لأن العرب تذهب بالرئيس كالنبيّ والأمير وشبهه إلى الجمع بجنوده وأتباعه ، وإلى التوحيد لأنه واحد في الأصل ، ومثله : على خَوْفٍ من فرعَوْنَ ومَلَئهم وفي موضع آخر : وملئه . قال : وربما ذهبت العرب بالاثنين إلى الجمع كما تذهب بالواحد إلى الجمع ، فتخاطب الرجل ، فتقول : ما أحسنتم ولا أجملتم ، وإنما تريده بعينه ، وهذا القول الذي قاله هذا الذي حكينا قوله في قوله : وَنَصَرْناهُمْ وإن كان قولاً غير مدفوع ، فإنه لا حاجة بنا إلى الاحتيال به لقوله : وَنَصَرْناهُمْ ، لأن الله أتبع ذلك قوله : وَنَجّيْناهُما وَقَوْمَهُما مِنَ الكَرْبِ العَظِيمِ ثم قال : وَنَصَرْناهُمْ يعني : هما وقومهما ، لأن فرعون وقومه كانوا أعداء لجميع بني إسرائيل ، قد استضعفوهم ، يذبحون أبناءهم ، ويستحيون نساءهم ، فنصرهم الله عليهم ، بأن غرّقهم ونجّى الاَخرين .