معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَنَصَرۡنَٰهُمۡ فَكَانُواْ هُمُ ٱلۡغَٰلِبِينَ} (116)

وقوله : { وَنَصَرْناهُمْ فَكَانُواْ هُمُ الْغَالِبينَ116 } فجعلها كالجمع ، ثم ذكرهما بعد ذلكَ اثنين وهذا من سعة العربيَّة : أن يُذهَب بالرئيس : النبيِّ والأمير وشبهه إلى الجمع ؛ لجنوده وأتبَاعه ، وإلى التوحيد ؛ لأنه واحد في الأصل . ومثله { على خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ ومَلَئِهِمْ } وفي موضع آخر { وَمَلَئِهِ } وربّما ذهبت العرب بالاثنين إلى الجمع ؛ كما يُذهب بالواحِدِ إلى الجمع ؛ ألا ترى أنَك تخاطب الرجل فتقول : ما أحسنتم ولا أجملتم ، وأنت تريده بعينه ، ويقول الرجل للفُتْيا يُفتى بها : نحن نقول : كذا وكذا وهو يريد نفسه . ومثل ذلكَ قوله في سورة ص { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الخَصْمِ إذ تَسوَّرُوا المِحْرَابَ } ثم أعاد ذكرهَما بالتثنية إذْ قال : { خَصْمانِ بَغَى بَعْضُنا على بَعْضٍ } .