التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَكُلُّ شَيۡءٖ فَعَلُوهُ فِي ٱلزُّبُرِ} (52)

ثم بين - سبحانه - أن كل ما يعمله الإنسان . هو مسجل عليه ، فقال : { وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزبر } . أى : وكل شىء فعله هؤلاء المشركون وغيرهم ، مكتوب ومحفوظ فى كتب الحفظة ، ومسجل عليهم لدى الكرام الكاتبين ، بدون زيادة أو نقصان .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَكُلُّ شَيۡءٖ فَعَلُوهُ فِي ٱلزُّبُرِ} (52)

يجوز أن يكون الضمير المرفوع في قوله : { فعلوه } عائداً إلى { أشياعكم } [ القمر : 51 ] ، والمعنى : أهلكناهم بعذاب الدنيا وهيّأنا لهم عذاب الآخرة فكتب في صحائف الأعمال كل ما فعلوه من الكفر وفروعه ، فالكناية في الزُبر وقعت هنا كناية عن لازمها وهو المحاسبة به فيما بعد وعن لازم لازمها وهو العقاب بعد المحاسبة .

وهذا الخبر مستعمل في التعريض بالمخاطبين بأنهم إذا تعرضوا لما يوقع عليهم الهلاك في الدنيا فليس ذلك قصارى عذابهم فإن بعده حساباً عليه في الآخرة يعذبون به وهذا كقوله تعالى : { وإن للذين ظلموا عذاباً دون ذلك } [ الطور : 47 ] ويجوز عندي أن يكون الضمير عائداً إلى الجمع من قوله : { سيهزم الجمع } [ القمر : 45 ] أو إلى { المجرمين } في قوله : { إن المجرمين في ضلال وسعر } [ القمر : 47 ] الخ ، والمعنى كل شيء فعله المشركون من شرك وأذى للنبيء صلى الله عليه وسلم وللمسلمين معدود عليهم مهيأ عقابهم عليه لأن الإِخبار عن إحصاء أعمال الأمم الماضين قد أغنى عنه الإِخبار عن إهلاكهم ، فالأجدر تحذير الحاضرين من سوء أعمالهم .

و { الزبر } : جمع زبور وهو الكتاب مشتق من الزبر ، وهو الكتابة ، وجُمعت الزبر لأن لكل واحد كتاب أعماله ، قال تعالى : { وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً إقرأ كتابك } [ الإسراء : 13 ، 14 ] الآية .

وعموم { كل شيء فعلوه } مراد به خصوص ما كان من الأفعال عليه مؤاخذة في الآخرة .