التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلۡأَرۡضَ وَضَعَهَا لِلۡأَنَامِ} (10)

ثم انتقلت السورة الكريمة ، إلى بيان جانب من مظاهر نعمة الأرضية فقال - تعالى - : { والأرض وَضَعَهَا لِلأَنَامِ } .

والمراد بالأنام : الخلائق المختلفون فى ألوانهم وأشكالهم وألسنتهم ، والذين يعيشون فى شتى أقطارها وفجاجها . . . وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه .

أى : والأرض " وضعها " أى : أوجدها موضوعة على هذا النظام البديع ، من أجل منفعة الناس جميعا ، لأن إيجادها على تلك الصورة الممهدة المفروشة . . جعلهم ينتفعون بما فيها من كنوز وخيرات ، ويتقلبون عليها من مكان إلى آخر . . . وصدق الله إذ يقول : { هُوَ الذي خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي الأرض جَمِيعاً . . . }

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلۡأَرۡضَ وَضَعَهَا لِلۡأَنَامِ} (10)

واختلف الناس في : «الأنام » فقال ابن عباس فيما روي عنه هم بنو آدم فقط . وقال الحسن بن أبي الحسن : هم الثقلان : الجن والإنس . وقال ابن عباس أيضاً وقتادة وابن زيد والشعبي : هم الحيوان كله .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلۡأَرۡضَ وَضَعَهَا لِلۡأَنَامِ} (10)

عطف على { والسماء رفعها } [ الرحمن : 7 ] وهو مقابلُهُ في المزاوجة والوضع يقابل الرفع ، فحصل محسِّن الطباق مرتين ، ومعنى { وضعها } خفضها لهم ، أي جعلها تحت أقدامهم وجُنوبهم لتمكينهم من الانتفاع بها بجميع ما لهم فيها من منافع ومعالجات .

واللام في { للأنام } لَلأجْل . والأنام : اختلفت أقوال أهللِ اللغة والتفسير فيه ، فلم يذكره الجوهري ولا الراغب في « مفردات القرآن » ولا ابن الأثير في « النهاية » ولا أبو البقاء الكفوي في « الكليات » . وفسره الزمخشري بقوله : « الخلق وهو كل ما ظهر على وجه الأرض من دابة فيها روح » . وهذا مروي عن ابن عباس وجمععٍ من التابعين . وعن ابن عباس أيضاً : أنه الإِنسان فقط . وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه .

وسياق الآية يرجح أن المراد به الإنسان ، لأنه في مقام الامتنان والاعتناء بالبشر كقوله : { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً } [ البقرة : 29 ] .

والظاهر أنه اسم غير مشتق وفيه لغات : أنام كسحاب ، وآنام كساباط ، وأنيم كأمير .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱلۡأَرۡضَ وَضَعَهَا لِلۡأَنَامِ} (10)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{والأرض وضعها للأنام} يعني للخليقة من أهل الأرض...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره:"وَالأَرْضَ وَضَعَها لِلأنَامِ": والأرض وَطّأها للخلق، وهم الأنام.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

ليستقروا عليها. وقال ابن عباس: الأنام كل شيء فيه روح. وقال الحسن: الأنام الإنس والجن. وقال قتادة: الأنام الخلق. ويجوز أن يكون الأنام من ونم الذباب إذا صوت من نفسه، ويسمى كل ما يصوت من نفسه أناما.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما ذكر إنعامه الدال على اقتداره برفع السماء، ذكر على ذلك الوجه مقابلها بعد أن وسط بينهما ما قامتا به من العدل تنبيهاً على شدة العناية والاهتمام به فقال: {والأرض} أي ووضع الأرض: ثم فسر ناصبها ليكون كالمذكور مرتين إشارة إلى عظيم تدبيره لشدة ما فيه من الحكم فقال: {وضعها} أي دحاها وبسطها... {للأنام} أي كل من فيه قابلية النوم أو قابلية الونيم وهو الصوت بعد أن وضع لهم الميزان الذي لا تقوم الأرض إلا به.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(والأرض وضعها للأنام فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام. والحب ذو العصف والريحان). ونحن لطول استقرارنا على هذه الأرض، وألفتنا لأوضاعها وظواهرها، ولوضعنا نحن كذلك عليها. نحن لهذا كله لا نكاد نحس يد القدرة التي "وضعت " هذه الأرض للأنام. وجعلت استقرارنا عليها ممكنا وميسورا إلى الحد الذي لا نكاد نشعر به. ولا ننتبه إلى ضخامة معنى الاستقرار...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

واللام في {للأنام} لَلأجل. وسياق الآية يرجح أن المراد به الإنسان، لأنه في مقام الامتنان والاعتناء بالبشر كقوله: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً} [البقرة: 29].

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

الحق سبحانه قال عن المساء {المساء رفعها (7)} [الرحمن] وقال عن الأرض {وضعها...} أي: جعلها منخفضة ومنبسطة، وقال سبحانه: {الأرض مهدا... (53)} [طه] فهي ممهدة وقال {مهادا (6)} [النبأ تحمل الإنسان كما حمل المهد الطفل، فالأرض وضعت ليستقر عليها الإنسان،

ومعنى {للأنام} لبني الإنسان، وقالوا: بل يدخل فيها الأنام كل ذي روج، فالحيوانات بهذا المعنى هي من الأنام، لأنها تأكل من زرع الأرض وتعيش عليها، وقالوا: الجن أيضا من الأنام.

ونلاحظ في هذه الآية العموم في الأرض فلم يخصصها أرض من، وهذا يعني الشمول، فالأرض أي كل أرض في أي مكان، كذلك {الأنام} أي أنام فأرض الله في كل مكان لعباد الله في كل مكان.

وهذا المعنى نفهمه من قوله تعالى: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا (97)} [النساء].

فأرض الله للجميع، إذا ضاقت عليك الحياة هنا فاذهب إلى مكان آخر فيه متسع، وهذه في حد ذاتها كفيلة بأن تحل مشاكل العالم اليوم لو أخذوا بها، لكن الحاصل أنهم قطعوا أوصال هذه الوحدة الطبيعية التي أرادها الخالق للخلق ووضعوا فيما بينهم الحدود والحواجز.

ومن العجيب أن نراهم يختلفون على عدة أمتار على حدودهم وهم يعيشون على مئات بل آلاف الكيلومترات من أرض الله، ثم لك أن تتأمل الخريطة وترى رسم الحدود بين الدول الآن، هل تراها على شكل مستقيم؟

لا بل هي متعرجة وملتوية ومتداخلة بعضها في بعض فهكذا أرادها الحق سبحانه، الأرض كل الأرض للأنام كل الأنام.

ونحن الآن نرى أرضا تكاد تنفجر من كثرة عدد السكان لكن فيها قلة موارد، وعلى النقيض نرى أرض خالية من السكان مليئة بالموارد المهملة التي لا تجد يستخرجها، فهل هذا هو الميزان العادل الذي قامت عليه أمور الخلق؟ لا والله بل هذا جور وطغيان في الميزان.

ولك أن تنظر إلى الحدود المصطنعة والأسوار والمطارات والأبواب وما يحكمها من قوانين صارمة وتأشيرات دخول وشروط، حتى أنك تستغرق شهر وشهورا تعد في أوراق وتأشيرات لتتمكن من دخول بلد كذا وكذا.

ثم ترتب على هذا الفصل بين الحدود وجود الخلافات الدولية. والتمييز العنصري، وانفراد أصحاب الثروات بثرواتهم، فنشأت الحروب والصراعات كما ترون.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{وَالأرْضَ وَضَعَهَا لِلأنَامِ} وأعدّها لهم في قوانينها المتنوعة التي تجمع لهم كل ما يحتاجونه لاستمرار حياتهم من طعام وشراب ووسائل راحة في ما يأكلونه أو يشربونه أو يلبسونه أو يرتاحون فيه وينعمون به...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ندرك كم أنّ هدوء الأرض نعمة عظيمة، خصوصاً إذا وضعنا الأرقام التي توصّل إليها العلماء أمامنا فيما يتعلّق بسرعة حركة الأرض حول نفسها وحول الشمس، عند ذلك يتبيّن لنا أهميّة هذا الهدوء الكامن في أعماق هذه الحركة السريعة جدّاً والتي هي ليست نوعاً واحداً، بل أنواع مختلفة. وبهذا الترتيب فقد ذكر لنا سبحانه النعمة العظيمة الثامنة في هذه السلسلة.