التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلۡمَلَأُ مِن قَوۡمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَتۡرَفۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا مَا هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يَأۡكُلُ مِمَّا تَأۡكُلُونَ مِنۡهُ وَيَشۡرَبُ مِمَّا تَشۡرَبُونَ} (33)

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك ما رد به هؤلاء المشركون الجاحدون على نبيهم فقال : { وَقَالَ الملأ مِن قَوْمِهِ الذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ الآخرة وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الحياة الدنيا مَا هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ . . . } .

أى : وقال الأغنياء والزعماء من قوم هذا النبى ، الذين كفروا بالحق لما جاءهم ، وكذبوا بالبعث والجزاء الذى يكون فى الآخرة ، والذين أبطرتهم النعمة التى أنعمنا عليهم بها فى دنياهم . . .

قالوا لنبيهم بجفاء وسوء أدب لكى يصرفوا غيرهم عن الإيمان به : ما هذا الذى يدعى النبوة { إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } وكأنهم يرون - لغبائهم وانطماس عقولهم - أن الرسول لا يكون من البشر ، أو يرون جواز كونه من البشر ، إلا أنهم قالوا ذلك على سبيل المكر ليصدوا أتباعهم وعامة الناس عن دعوته .

ثم أضافوا إلى هذا القول الباطل ما يؤكده فى نفوس الناس فقالوا : { يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ } من طعام ، وغذاء ، { وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ } من ماء وما يشبه الماء .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلۡمَلَأُ مِن قَوۡمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَتۡرَفۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا مَا هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يَأۡكُلُ مِمَّا تَأۡكُلُونَ مِنۡهُ وَيَشۡرَبُ مِمَّا تَشۡرَبُونَ} (33)

{ وقال الملأ من قومه الذين كفروا } لعله ذكر بالواو لأن كلامهم لم يتصل بكلام الرسول صلى الله عليه وسلم بخلاف قول قوم نوح حيث استؤنف به ، فعلى تقدير سؤال { وكذبوا بلقاء الآخرة } بلقاء ما فيها من الثواب والعقاب ، أو بمعادهم إلى الحياة الثانية بالبعث { وأترفناهم } ونعمناهم { في الحياة الدنيا } بكثرة الأموال والأولاد . { ما هذا إلا بشر مثلكم } في الصفة والحالة . { يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون } تقرير للماثلة و " ما " خبرية والعائد إلى الثاني منصوب محذوف أو مجرور حذف مع الجار لدلالته ما قبله عليه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلۡمَلَأُ مِن قَوۡمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَتۡرَفۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا مَا هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يَأۡكُلُ مِمَّا تَأۡكُلُونَ مِنۡهُ وَيَشۡرَبُ مِمَّا تَشۡرَبُونَ} (33)

{ وأترفناهم } معناه نعمناهم وبسطنا لهم الآمال والأرزاق ، ومقالة هؤلاء أيضاً تقتضي استبعاد بعثة البشر وهذه طائفة وقوم نوح لم يذكر في هذه الآيات أن المعجزة ظهرت لهم وأَنهم كذبوا بعد وضوحها ولكن مقدر معلوم وإن لم تعين لنا المعجزة والعقاب لا يتعلق بأحد إلا بعد تركه الواجب عليه ، ووجوب الاتباع إنما هو بعد قيام الحجة على المرء أو على من هو المقصد ، والجمهور كالعرب في معجزة القرآن والأطباء لعيسى ، والسحرة لموسى ، فبقيام الحجة على هؤلاء قامت على جميع من وراءهم .