مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَقَالَ ٱلۡمَلَأُ مِن قَوۡمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَتۡرَفۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا مَا هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يَأۡكُلُ مِمَّا تَأۡكُلُونَ مِنۡهُ وَيَشۡرَبُ مِمَّا تَشۡرَبُونَ} (33)

ثم اعلم أن الله تعالى حكى صفات أولئك القوم وحكى كلامهم ، أما الصفات فثلاث هي شر الصفات : أولها : الكفر بالخالق سبحانه وهو المراد من قوله : { كفروا } وثانيها : الكفر بيوم القيامة وهو المراد من قوله : { وكذبوا بلقاء الآخرة } وثالثها : الانغماس في حب الدنيا وشهواتها وهو المراد من قوله : { وأترفناهم في الحياة الدنيا } أي نعمناهم فإن قيل ذكر الله مقالة قوم هود في جوابه في سورة الأعراف وسورة هود بغير واو { قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة } ، قالوا { ما نراك إلا بشرا مثلنا } وههنا مع الواو فأي فرق بينهما ؟ قلنا الذي بغير واو على تقدير سؤال سائل قال فما قال قومه ؟ فقيل له كيت وكيت ، وأما الذي مع الواو فعطف لما قالوه على ما قاله ومعناه أنه اجتمع في هذه الواقعة هذا الكلام الحق وهذا الكلام الباطل . وأما شبهات القوم فشيئان : أولهما : قولهم : { ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون } ، وقد مر شرح هذه الشبهة في القصة الأولى وقوله : { مما تشربون } أي من مشروبكم أو حذف منه لدلالة ما قبله عليه وهو قوله : { ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون } .