ثم ختم - سبحانه - هذه الآيات ببيان أنه - سبحانه - وهو المالك لكل شئ ، والخالق لكل شئ ، فقال : { إِنَّ الله لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض يُحْيِي وَيُمِيتُ } .
أى : إن الله - تعالى - هو المالك للسماوات والأرض وما بينهما ، ولا شريك له في خلقهما ، ولا في تدبير شؤنهما ، وهو - سبحانه - الذي يحيى من يريد إحياءه ، ويميت من يريد إماتته ، لا راد لقضائه ، ولا معقب لحكمه .
{ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } أى : وليس لكم - أيها الناس - أحد سوى الله يتولى أمركم وينصركم على أعدائكم .
وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة قد نهت المؤمنين عن الاستغفار للمشركين المصرين على شركهم ، كما بشرتهم بأنه - سبحانه - لا يؤاخذهم على استغفارهم لهم قبل نهيهم عن ذلك . كما أخبرتهم بأن ملك هذا الكون إنما هو لله وحده . فعليهم أن يستجيبوا لأمره ، لكى ينالوا رحمته ورضاه .
{ إن الله له ملك السماوات والأرض يُحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير } لما منعهم من الاستغفار للمشركين وإن كانوا أولي قربى وتضمن ذلك وجوب التبرؤ عنهم رأساً ، بين لهم أن الله مالك كل موجود ومتولي آمره والغالب عليه ولا يتأتى لهم ولاية ولا نصرة إلا منه ، ليتوجهوا بشراشرهم إليه ويتبرؤوا مما عداه حتى لا يبقى لهم مقصود فيما يأتون ويذرون سواه .
وذهب الطبري إلى أن قوله ، { يحيي ويميت } إشارة إلى أنها يجب أيها المؤمنون ألا تجزعوا من عدو وإن كثر ، ولا تهابوا أحداً فإن الموت المخوف والحياة المحبوبة إنما هما بيد الله تعالى .
قال القاضي أبو محمد : والمعنى الذي قال صحيح في نفسه ولكن قوله ، إن القصد بالآية إنما هو لهذا قول يبعد ، والظاهر في الآية إنما هو لما نص في الآية المتقدمة نعمته وفضله على عبيده في أنه متى منّ عليهم بهداية ففضله أسبغ من أن يصرفهم ويضلهم قبل أن تقع منهم معصية ومخالفة أمر ، أتبع ذلك{[5949]} بأوصاف فيها تمجيد الله عز وجل وتعظيمه وبعث النفوس على إدمان شكره والإقرار بعبوديته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.