{ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقين } أى : وجعلنا ذريته من بعده هم الذين بقوا وبقى نسلهم من بعدهم ، وذلك لأن الله - تعالى - أهكل جميع الكافرين من قومه ، أما من كان معه من المؤمنين من غير ذريته ، فقد قيل إنهم ماتوا ، ولم يبق سوى أولاده .
قال ابن كثير : قوله - تعالى - { وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقين } قال ابن عباس : لم تبق إلا ذرية نوح .
وقال قتادة : الناس كلهم من ذرية نوح .
وروى الترمذى وابن جرير وابن أبى حاتم عن سمرة عن النبى صلى الله عليه وسلم فى قوله : { وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقين } قال : " هم سام ، وحام ، ويافث " .
وروى الإِمام أحمد - بسنده - عن سمرة عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : " سام أبو العرب ، وحام أبو الحبش ، ويافث أبو الروم " .
وقال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة في قوله : { وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ } قال : الناس كلهم من ذرية نوح [ عليه السلام ]{[24997]} .
وقد روى الترمذي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، من حديث سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ } قال : " سام ، وحام ويافث " .
وقال{[24998]} الإمام أحمد : حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ؛ أن نبي الله{[24999]} صلى الله عليه وسلم قال : «سام أبو العرب ، وحام أبو الحبش ، ويافث أبو الروم » .
ورواه الترمذي عن بشر بن معاذ العقدي ، عن يزيد بن زريع ، عن سعيد - وهو ابن أبي عروبة عن قتادة ، به{[25000]} .
قال الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ : وقد روي عن عمران{[25001]} بن حُصين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله . {[25002]} والمراد بالروم هاهنا : هم الروم الأوَل ، وهم اليونان المنتسبون إلى رومي بن ليطي بن يونان بن يافث بن نوح ، عليه السلام . ثم روى من حديث إسماعيل بن عياش ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال : ولد نوح عليه السلام ثلاثة : سام وحام ويافث ، وولد كل واحد من هذه الثلاثة ثلاثة ، فولد سامُ العربَ وفارسَ والروم ، وولد يافثُ الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج ، وولد حامُ القبطَ والسودان والبربر . وروي عن وهب بن منبه نحو هذا ، والله أعلم .
وضمير الفصل في قوله : { هُمُ الباقِينَ } للحصر ، أي لم يبق أحد من الناس إلا من نجّاه الله مع نوح في السفينة من ذريته ، ثُم مَن تناسل منهم فلم يبق من أبناء آدم غيرُ ذرية نوح فجميع الأمم من ذرية أولاد نوح الثلاثة .
وظاهر هذا أن من آمن مع نوح من غير أبنائه لم يكن لهم نسل . قال ابن عباس : لما خرج نوح من السفينة مات من معه من الرجال والنساء إلا وُلده ونساءه . وبذلك يندفع التعارض بين هذه الآية وبين قوله في سورة هود { قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلَك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل } [ هود : 40 ] ، وهذا جار على أن الطوفان قد عمّ الأرض كلها واستأصل جميع البشر إلا مَن حملهم نوح في السفينة وقد تقدم خبره في سورة هود .
وعمومُ الطوفان هو مقتضى ظواهر الكتاب والسنة ، ومن قالوا إن الطوفان لم يعمّ الأرض فإنما أقدموا على إنكاره من جهة قصر المدة التي حددت بها كتب الإِسرائيليين ، وليس يلزم الاطمئنان لها في ضبط عُمر الأرض وأَحداثها وذلك ليس من القواطع ، ويكون القصر إضافياً أي لم يبق من قومه الذين أرسل إليهم . وقد يقال : نسلّم أن الطوفان لم يعمّ الأرض ولكنه عم البشر لأنهم كانوا منحصرين في البلاد التي أصابها الطوفان ولئن كانت أدلة عموم الطوفان غير قطعية فإن مستندات الذين أنكروه غير ناهضة فلا تُترك ظواهر الأخبار لأجلها .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{هم الباقين} ذلك أن أهل السفينة ماتوا، ولم يكن لهم نسل غير ولد نوح، وكان الناس من ولد نوح، فلذلك قال: {هم الباقين}.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"وَجَعَلْنا ذُرّيّتَهُ هُمُ الباقِينَ" يقول: وجعلنا ذرّية نوح هم الذين بقوا في الأرض بعد مَهْلَك قومه، وذلك أن الناس كلهم من بعد مَهْلَك نوح إلى اليوم إنما هم ذرّية نوح.
الثاني: {وجعلنا ذريته هم الباقين} يفيد الحصر، وذلك يدل على أن كل من سواه وسوى ذريته فقد فنوا.
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :
الحصر في الآية بالنسبة إلى من في السفينة ممن عدا أولاده وأزواجهم؛ فكأنه قيل: وجعلنا ذريته هم الباقين لا ذرية من معه في السفينة، وهو لا يستلزم عدم بقاء ذرية من لم يكن معه.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
تتضمن قدر الله بأن يجعل من ذرية نوح عماراً لهذه الأرض وخلفاء.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
ظاهر هذا أن من آمن مع نوح من غير أبنائه لم يكن لهم نسل.
قال ابن عباس: لما خرج نوح من السفينة مات من معه من الرجال والنساء إلا وُلده ونساءه، وبذلك يندفع التعارض بين هذه الآية وبين قوله في سورة هود {قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلَك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل} [هود: 40]، وهذا جار على أن الطوفان قد عمّ الأرض كلها واستأصل جميع البشر إلا مَن حملهم نوح في السفينة وقد تقدم خبره في سورة هود.
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
فهو الأب الثاني للبشرية من بعد آدم.
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري 1439 هـ :
إلى يوم القيامة، وهذا جزاء له على صبره في دعوته وإخلاصه وصدقه فيها؛ إذ كل الناس اليوم من أولاده الثلاثة.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.