والاستفهام فى قوله - تعالى - : { أَلَيْسَ الله بِأَحْكَمِ الحاكمين } للتقرير : إذا الجملة الكريمة تحقيق لما ذكر من خلق الإِنسان فى أحسن تقويم ، ثم رده إلى أسفل سافلين .
فكأنه - تعالى - يقول : إن الذى فعل ذلك كله هو أحكم الحاكمين خلقاً وإيجاداً ، وصنعاً وتدبيراً ، وقضاء وتقديراً ، فيجب على كل عاقل أن يخلص له العبادة والطاعة ، وأن يتبع رسوله صلى الله عليه وسلم فى كل ما جاء به من عند ربه - عز وجل - .
وقد روى الإِمام الترمذى عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ منكم { والتين والزيتون . . . } ثم انتهى إلى قوله - تعالى - { أَلَيْسَ الله بِأَحْكَمِ الحاكمين } فليقل : بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين " .
وقوله : { أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ } أي : أما هو أحكم الحاكمين ، الذي لا يجور ولا يظلم أحدًا ، ومن عَدْله أن يقيم القيامة فينصف المظلوم في الدنيا ممن ظلمه . وقد قدمنا في حديث أبي هريرة مرفوعًا : " فإذا قرأ أحدكم { وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ } فأتى على آخرها : { أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ } فليقل : بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين " {[30231]} .
آخر تفسير [ سورة ]{[30232]} " وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ " ولله الحمد .
ثم وقف تعالى جميع خلقه على أنه { أحكم الحاكمين } على جهة التقرير ، وروي عن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه السورة قال : «بلى وأنا على ذلك من الشاهدين{[11896]} » .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قوله : "ألَيْسَ اللّهُ بِأحْكَمِ الْحاكمِينَ" يقول تعالى ذكره : أليس الله يا محمد بأحكم من حكم في أحكامه ، وفصل قضائه بين عباده ؟ ... عن قتادة" ألَيْسَ اللّهَ بِأحْكَمِ الْحاكِمِينَ" ؟ ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال : «بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين » ...
كان ابن عباس إذا قرأ : ألَيْسَ اللّهُ بِأحْكَمِ الْحاكِمينَ ؟ قال : سبحانك اللهمّ ، وَبلى .
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
أحدهما : بأحكم الحاكمين صنعاً وتدبيراً ، قاله ابن عيسى .
الثاني : أحكم الحاكمين قضاء بالحق وعدلاً بين الخلق وفيه مضمر محذوف ، وتقديره : فلِمَ ينكرون مع هذه الحال البعث والجزاء ...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
وعيد للكفار ، وأنه يحكم عليهم بما هم أهله . ...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
ثم وقف تعالى جميع خلقه على أنه { أحكم الحاكمين } على جهة التقرير ، ...
أحكام القرآن لابن العربي 543 هـ :
قَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : «إذَا قَرَأَ أَحَدُكُمْ : { أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ } فَلْيَقُلْ : بَلَى ، وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ من الشَّاهِدِينَ » ...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ أليس الله } أي على ما له من صفات الكمال ، وأكده بالجار في قوله : { بأحكم الحاكمين } أي حتى يدع الخلق يهلك بعضهم بعضاً من غير جزاء ، فيكون خلقهم عبثاً ، بل هو أحكم الحاكمين علماً وقدرة وعدلاً وحكمة بما شوهد من إبداعه الخلق ومفاوتته بينهم ، وجعل الإنسان من بينهم على أحسن تقويم ، فلا بد أن يقيم الجزاء ويضع الموازين القسط ليوم القيامة فيظهر عدله وحكمته وفضله ...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
أليس الله بأعدل العادلين حين يحكم في أمر الخلق على هذا النحو ? أو . . أليست حكمة الله بالغة في هذا الحكم على المؤمنين وغير المؤمنين ? والعدل واضح . والحكمة بارزة . ...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
و« أحكم » يجوز أن يكون مأخوداً من الحكم ، أي أقضى القضاة ، ومعنى التفضيل أن حكمه أسد وأنفذ . ويجوز أن يكون مشتقاً من الحكمة . والمعنى : أنه أقوى الحاكمين حِكمةً في قضائه بحيث لا يخالط حكمه تفريط في شيء من المصلحة ....عُلم أن الله يفوق قضاؤه كل قضاء في خصائص القضاء وكمالاته ، وهي : إصابة الحق ، وقطع دابر الباطل ، وإلزام كل من يقضي عليه بالامتثال لقضائه والدخول تحت حكمه ...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.