تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِأَحۡكَمِ ٱلۡحَٰكِمِينَ} (8)

الآيتان : 7و8 : وقوله تعالى : { فما يكذبك بعد بالدين } { أليس الله بأحكم الحاكمين }{[23841]} إن كان الخطاب به لكل إنسان كذب بالدين بقوله ، فما{[23842]} الذي دعاك إلى تكذيبك بالدين ، وقد عرفت أن الله أحكم الحاكمين لا يفعل إلا ( ما ){[23843]} هو حكمة . ولو لم يكن يوم الدين كان فعله عبثا باطلا ، لأنه أنشأكم ، ثم رباكم إلى أن بلغتم . فلو لم يكن بعث لكان يخرج فعله عبثا باطلا ، أو نقول : لما سوى بين ما اختار ولايته وبين ما اختار الولاية في هذه الدنيا ، وفي الحكمة التفريق بينهما ، فلا بد من مكان يفرق بينهما هنالك .

وإن كان الخطاب في قوله : { فما يكذبك بعد بالدين } لرسول الله تعالى فيقول{[23844]} : أي حجة له في تكذيبك بما تخبره من الدين ؟ أي لا حجة له في ذلك ، أو نقول : ما الذي دعاه إلى تكذيبه بالدين بعد ما عرف أني أحكم الحاكمين ؟

وقال بعضهم : أحكم القاضين ، أي أعدلهم . وقال بعضهم : أحكم الحكماء ، وإلا فناء بلا بعث فعل السفهاء لا فعل الحكماء ، وهو أحكم الحاكمين ، أي أعدل القاضين في التفريق بين الأولياء والأعداء ، وقد اجتمعوا في الدنيا ، فلا بد

من دار يفرق بينهما فيها ، والله الموفق .


[23841]:ساقطة من الأصل وم
[23842]:الفاء ساقطة من الأصل وم
[23843]:من م، ساقطة من الأصل
[23844]:في الأصل وم: يقول