غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِأَحۡكَمِ ٱلۡحَٰكِمِينَ} (8)

ثم خاطب الإنسان بقوله { فما يكذبك بعد بالدين } يعني فأي شيء يلجئك بعد هذه البيانات إلى أن تكون كاذباً بسبب تكذيب الجزاء ، لأن كل مكذب بالحق فهو كذاب .

ولا ريب أن خلق الإنسان من نطفة إلى أن يصير كاملاً في الخلق والخلق ، ثم تنكيسه إلى حال تخاذل القوى وتقويس الظهر وابيضاض الشعر وتناثره أوضح دليل على قدرة الصانع وحده ، ومن قدر على هذا كله لم يعجز عن إعادة مخلوقه بعد تفرق أجزائه ، هذا بالنظر إلى القدرة ، وأما بالنظر إلى الحكمة والعدالة فإيصال الجزاء إلى المحسن والمسيء والفرق بين الصنفين واجب .

وأشار إلى هذا الدليل بقوله : { أليس الله بأحكم الحاكمين } فأمر المعاد بالنظر إلى القدرة ممكن الوقوع وبالنظر إلى الحكمة والعدل واجب الوقوع .

وقال الفراء : الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمعنى : فمن يكذبك بالجزاء أيها الرسول بعد ظهور هذه الدلائل ؟

قالت المعتزلة : قوله { في أحسن تقويم } دليل على أنه تعالى لا يفعل القبيح ولا يفعل أفعال العباد في ما فيها من السفه والظلم ، ولو خلق ذلك لكان هو أولى بأن يدعى سفيهاً وظالماً . وأجيب بأن خلق السفه لا يلزم منه الاتصاف بالسفه كما أن إيجاد الحركة لا يلزم منه الاتصاف بالحركة . ويمكن أن يقال : نحن لا ندعي لزوم الاتصاف به ولكن ندعي أن خلق السفه نفسه نوع سفه . والجواب الصحيح بعد المعارضة بالعلم والداعي أن يعارض بقوله { ثم رددناه } فإنه دليل على أنه أضاف الشيء إلى ذاته .

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قرأ السورة قال : بلى وأنا بذلك من الشاهدين .

/خ7