التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّ لَكَ لَأَجۡرًا غَيۡرَ مَمۡنُونٖ} (3)

ثم بشره - سبحانه - ببشارة ثانية فقال : { وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ } .

وقوله : { مَمْنُونٍ } مأخوذ من المن بمعنى القطع ، تقول : مننت الحبل ، إذا قطعته ، ويصح أن يكون من المن ، بمعنى أن يعطى الإِنسان غيره عطية ثم يفتخر بها عليه ، ومنه قوله - تعالى - : { ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بالمن والأذى . . . }

أي : وإن لك - أيها الرسول الكريم - عندنا ، لأجرا عظيما لا يعلم مقداره إلا نحن ، وهذا الأجر غير مقطوع بل هو متصل ودائم وغير ممنون .

وهذه الجملة الكريمة وما بعدها ، معطوفة على جملة جواب القسم ، لأنهما من جملة المقسم عليه . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِنَّ لَكَ لَأَجۡرًا غَيۡرَ مَمۡنُونٖ} (3)

{ وَإِنَّ لَكَ لأجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ } أي : بل لك الأجر العظيم ، والثواب الجزيل الذي لا ينقطع ولا يبيد ، على إبلاغك رسالة ربك إلى الخلق ، وصبرك على أذاهم . ومعنى { غَيْرُ مَمْنُونٍ } أي : غير مقطوع كقوله : { عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } [ هود : 108 ] { فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } [ التين : 6 ] أي : غير مقطوع عنهم . وقال مجاهد : { غَيْرُ مَمْنُونٍ } أي : غير محسوب ، وهو يرجع إلى ما قلناه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّ لَكَ لَأَجۡرًا غَيۡرَ مَمۡنُونٖ} (3)

وإن لك لأجرا على الاحتمال والإبلاغ ، غير ممنون مقطوع ، أو ممنون به عليك من الناس ، فإنه تعالى يعطيك بلا توسط .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِنَّ لَكَ لَأَجۡرًا غَيۡرَ مَمۡنُونٖ} (3)

ولما ثبت الله رسوله صلى الله عليه وسلم فدفع بهتان أعدائه أعقبه بإكرامه بأجر عظيم على ما لقيه من المشركين من أذى بقوله { وإن لك لأجرا غير ممنون } بقرينة وقوعه عقب قوله { ما أنت بنعمة ربك بمجنون } ، مؤكدا ذلك بحرف { إن } وبلام الابتداء وبتقديم المجرور وهو في قوله { لك } .

وهذا الأجر هو ثواب الله في الآخرة وعناية الله به ونصره في الدنيا .

و{ ممنون } يجوز أن يكون مشتقا من من المعطي على المعطى إذا عد عليه عطاءه وذكر له ، أو افتخر عليه به فإن ذلك يسوء المعطى ، قال النابغة :

علي لعمرو نعمة بعد نعمة *** لوالده ليست بذات عقارب

أي ليس فيها أذى ، والمن من الأذى قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى } .

وقد انتزع من هذه الآية عبد الله بن الزبير { بكسر الموحدة } أو غيره في قوله :

أيادي لم تمنن وإن هي جلت قبله

قبله : سأشكر عمرا إن تراخت منيتي

ومراده عمرو بن سعيد المعروف بالأشدق

ويجوز أن يكون { ممنون } مشتقا من قولهم : من الحبل ، أي أجرا غير مقطوع عنك ، وهو الثواب المتزايد كل يوم ، أو أجرا أبديا في الآخرة ، ولهذا كان لإيثار كلمة { ممنون } هنا من الإيجاز بجمع معنيين بخلاف قوله { عطاء غير مجذوذ } في سورة هود لأن ما هنا تكرمة للرسول صلى الله عليه وسلم .

وبعد أن آنس نفس رسوله صلى الله عليه وسلم بالوعد عاد إلى تسفيه قول الأعداء فحقق أنه متلبس بخلق عظيم وذلك ضد الجنون مؤكدا ذلك بثلاثة مؤكدات مثل ما في الجملة قبله .