التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلسَّـٰبِحَٰتِ سَبۡحٗا} (3)

وقوله - سبحانه - : { والسابحات سَبْحاً } قسم ثالث بطائفة ثالثة من طوائف الملائكة ، التى تَسْبَحُ فى هذا الكون ، أى : تنطلق بسرعة لتنفيذ أمر الله - تعالى - ، ولتسبيحه ، وتحميده ، وتكبيره ، وتقديسه .

أى : وحق الملائكة الذين يسرعون التنقل فى هذا الكون إسراعا شديدا ، لتنفيذ ما كلفهم - سبحانه - به ، ولتسبيحه وتنزيهه عن كل نقص . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلسَّـٰبِحَٰتِ سَبۡحٗا} (3)

وأما قوله : { وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا } فقال ابن مسعود : هي الملائكة . ورُوي عن علي ، ومجاهد ، وسعيد بن جُبَير ، وأبي صالح مثلُ ذلك .

وعن مجاهد : { وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا } الموت . وقال قتادة : هي النجوم . وقال عطاء بن أبي رباح : هي السفن .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلسَّـٰبِحَٰتِ سَبۡحٗا} (3)

وقوله : والسّابِحاتِ سَبْحا يقول تعالى ذكره : واللواتي تسبحُ سَبْحا .

واختلف أهل التأويل في التي أقسم بها جلّ ثناؤه من السابحات ، فقال بعضهم : هي الموت تسبح في نفس ابن آدم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد والسّابِحاتِ سَبْحا قال : الموت ، هكذا وجدته في كتابي وقد :

حدثنا به ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد والسّابِحاتِ سَبْحا قال : الملائكة ، وهكذا وجدت هذا أيضا في كتابي .

فإن يكن ما ذكرنا عن ابن حميد صحيحا ، فإن مجاهدا كان يرى أن نزول الملائكة من السماء سباحة ، كما يقال للفرس الجواد : إنه لسابح إذا مرّ يُسرع .

وقال آخرون : هي النجوم تَسْبح في فلكها . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة والسّابِحاتِ سَبْحا قال : هي النجوم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .

وقال آخرون : هي السّفُن . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن واصل بن السائب ، عن عطاء والسّابِحاتِ سَبْحا قال : السفن .

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله جلّ ثناؤه أقسم بالسابحات سَبْحا من خلقه ، ولم يخصص من ذلك بعضا دون بعض ، فذلك كل سابح ، لما وصفنا قبلُ في «النازعات » .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلسَّـٰبِحَٰتِ سَبۡحٗا} (3)

و «السبح » : العوم في الماء ، وقد يستعمل مجازاً في خرق الهواء والتقلب فيه ، واختلف في { السابحات } في الآية ، فقال قتادة والحسن : هي النجوم لأنها تسبح في فلك ، وقال مجاهد وعلي رضي الله عنه : هي الملائكة لأنها تتصرف في الآفاق بأمر الله تجيء وتذهب ، وقال أبو روق{[11599]} : { السابحات } الشمس والقمر والليل والنهار ، وقال بعض المتأولين : { السابحات } : السماوات ، لأنها كالعائمة في الهواء ، وقال عطاء وجماعة : { السابحات } : الخيل ، ويقال للفرس : سابح ، وقال آخرون : { السابحات } الحيتان ، دواب البحر فما دونها وذلك من عظيم المخلوقات ، فروي أن الله تعالى بث في الدنيا ألف نوع من الحيوان ، منها أربعمائة في البر وستمائة في البحر ، وقال عطاء أيضاً : { السابحات } : السفن ، وقال مجاهد أيضاً : { السابحات } : المنايا تسبح في نفوس الحيوان .


[11599]:هو عطية بن الحارث، أبو روق –بفتح الراء وسكون الواو بعدها قاف- الهمداني الكوفي، صاحب التفسير ، صدوق ، من الطبقة الخامسة. (تقريب التهذيب).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلسَّـٰبِحَٰتِ سَبۡحٗا} (3)

و { السابحات } صفة من السبح المجازي ، وأصل السبح العَوْم وهو تنقل الجسم على وجه الماء مباشرة وهو هنا مستعار لسرعة الانتقال ، فيجوز أن يكون المراد الملائكة السائرين في أجواء السماوات وآفاق الأرض ، وروي عن علي بن أبي طالب .

ويجوز أن يراد خِيل الغزاة حين هجومها على العدوّ سريعة كسرعة السابح في الماء كالسابحات في قول امرىء القيس يصف فرساً :

مُسِحٌ إذا ما السابحات على الونى *** أثرن الغبار بالكديد المركَّل

وقيل : { السابحات } النجوم ، وهو جار على قول من فسر النازعات بالنجوم ، { وسبحا } مصدر مؤكد لإِفادة التحقيق مع التوسل إلى تنوينه للتعظيم ، وعطف { فالسابقات } بالفاء يؤذن بأن هذه الصفة متفرعة عن التي قبلها لأنهم يعطفون بالفاء الصفات التي شأنها أن يتفرع بعضها عن بعض كما تقدم في قوله تعالى : { والصافات صفاً فالزاجرات زجراً فالتاليات ذكرا } [ الصافات : 1 3 ] قول ابن زيابة :

يا لهفَ زَيَّابَةَ للحارث الصّ *** ابح فالغائم فالآيب

فلذلك { فالسابقات } هي السابقات من السابحات .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱلسَّـٰبِحَٰتِ سَبۡحٗا} (3)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"والسّابِحاتِ سَبْحا" يقول تعالى ذكره: واللواتي تسبحُ سَبْحا. واختلف أهل التأويل في التي أقسم بها جلّ ثناؤه من السابحات، فقال بعضهم: هي الموت تسبح في نفس ابن آدم

وقال آخرون: هي النجوم تَسْبح في فلكها.

وقال آخرون: هي السّفُن.

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله جلّ ثناؤه أقسم بالسابحات سَبْحا من خلقه، ولم يخصص من ذلك بعضا دون بعض، فذلك كل سابح، لما وصفنا قبلُ في «النازعات».

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

قيل: إن الملائكة يسلون المسلمين سلا رفيقا، وقيل: الملائكة يسبحون بين السماء والأرض...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

و «السبح»: العوم في الماء، وقد يستعمل مجازاً في خرق الهواء والتقلب فيه،... وقال بعض المتأولين: {السابحات}: السماوات، لأنها كالعائمة في الهواء،... وقال آخرون: {السابحات} الحيتان، دواب البحر فما دونها وذلك من عظيم المخلوقات...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{والسابحات} أي- من الملائكة أيضاً في الجو بعد التهيؤ للطيران إلى ما أمرهم الله به من أوامره من الروح أو غيرها {سبحاً} هو في غاية السرعة لأنه لا عائق لها بل قد- أقدرها الله على النفوذ في كل شيء كما أقدر السابح في الماء والهواء،...

محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :

أي الخيل تسبح في عدوها فتسبق إلى العدو، وهو مستعار من سبح في الماء لكنه ألحق بالحقيقة لشهرته...

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

أي: المترددات في الهواء صعودا ونزولا...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

و {السابحات} صفة من السبح المجازي، وأصل السبح العَوْم وهو تنقل الجسم على وجه الماء مباشرة وهو هنا مستعار لسرعة الانتقال، فيجوز أن يكون المراد الملائكة السائرين في أجواء السماوات وآفاق الأرض، وروي عن علي بن أبي طالب.

ويجوز أن يراد خِيل الغزاة حين هجومها على العدوّ سريعة كسرعة السابح في الماء...

وقيل: {السابحات} النجوم، وهو جار على قول من فسر النازعات بالنجوم، {وسبحا} مصدر مؤكد لإِفادة التحقيق مع التوسل إلى تنوينه للتعظيم، وعطف {فالسابقات} بالفاء يؤذن بأن هذه الصفة متفرعة عن التي قبلها لأنهم يعطفون بالفاء الصفات التي شأنها أن يتفرع بعضها عن بعض...

أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشنقيطي 1393 هـ :

قيل: السابحات النجوم. وقيل: الشمس والقمر والليل والنهار، والسَّحاب والسّفن والحيتان في البحار، والخيل في الميدان...

كلها محتملة...

.والواقع، فإنها كلها آيات عظام تدل على قدرته تعالى، إلاَّ أن السّياق في أمر البعث والمعاد، وأقرب ما يكون إليه الآيات الكونية: الشمس والقمر والنجوم، وقد وصف الله الشمس والقمر بالسابحات في قوله تعالى: {لاَ الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تدْرِكَ القَمَرَ وَلاَ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}،...