والمتجبرون والمسرفون يحتاجون في مقاومتهم إلى إيمان عميق ، واعتماد على الله وثيق ، وثبات يزيل المخاوف ويطمئن القلوب إلى حسن العاقبة ، ولذا قال موسى لأتباعه المؤمنين :
{ يا قوم إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بالله فَعَلَيْهِ توكلوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ } .
أى : قال موسى لقومه تطمينا لقلوبهم ، وقد رأى الخوف من فرعون يعلو وجوه بعضهم : يا قوم { إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بالله } حق الإِيمان ، وأسلمتم وجوهكم له حق الإِسلام فعليه وحده اعتمدوا ، وبجنابه وحده تمسكوا ، فإن من توكل على الله واتجه إليه ، كان الله مه بنصره وتأييده .
ومما يدل على أنه لم يكن في بني إسرائيل إلا مؤمن قوله تعالى :
{ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ( 84 ) فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ( 85 ) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ( 86 ) }
يقول تعالى مخبرا عن موسى أنه قال لبني إسرائيل : { يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ } أي : فإن الله كاف من توكل عليه ، { أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } [ الزمر : 36 ] ، { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } [ الطلاق : 3 ] .
وكثيرا ما يقرن الله بين العبادة والتوكل ، كما في قوله تعالى : { فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } [ هود : 123 ] ، { قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا } [ الملك : 29 ] ، { رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلا } [ المزمل : 9 ] ، وأمر الله تعالى المؤمنين أن يقولوا في كل صلواتهم{[14362]} مرات متعددة : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [ الفاتحة : 5 ] .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالَ مُوسَىَ يَقَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكّلُوَاْ إِن كُنتُم مّسْلِمِينَ } .
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل موسى نبيه لقومه : يا قوم إن كنتم أقررتم بوحدانية الله وصدّقتم بربوبيته . فَعَلَيْهِ تَوَكّلُوا يقول : فبه فثقوا ، ولأمره فسلّموا ، فإنه لن يخذل وليه ويسلم من توكل عليه . وإنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ يقول : إن كنتم مذعنين لله بالطاعة ، فعليه توكلوا .
{ وقال موسى } لما رأى تخوف المؤمنين به . { يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكّلوا } فثقوا به واعتمدوا عليه . { إن كنتم مسلمين } مستسلمين لقضاء الله مخلصين له ، وليس هذا من تعليق الحكم بشرطين ، فإن المعلق بالإيمان وجوب التوكل فإنه المقتضي له ، والمشروط بالإسلام حصوله فإنه لا يوجد مع التخطيط ونظيره إن دعاك زيد فأجبه إن قدرت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.