ثم نهاه عن عبادة الشيطان ، لأنها جهل وانحطاط فى التفكير فقال : { يا أبت لاَ تَعْبُدِ الشيطان } فإن عبادتك لهذه الاصنام هى عبادة وطاعة للشيطان الذى هو عدو الإنسان .
ثم علل له هذا النهى بقوله : { إِنَّ الشيطان كَانَ للرحمن عَصِيّاً } أى : إن الشيطان الذى أغراك بعبادة هذه الاصنام كان للرحمن عصيا ، أى : كثير العصيان ، لا يهدى الناس إلى طاعة الله ، وإنما يهديهم إلى مخالفته ومعصيته وموجبات غضبه
{ يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ } أي : لا تطعه{[18858]} في عبادتك هذه الأصنام ، فإنه هو الداعي إلى ذلك ، والراضي به ، كما قال تعالى : { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ } [ يس : 60 ] وقال : { إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَانًا مَرِيدًا } [ النساء : 117 ]
وقوله : { إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا } أي : مخالفًا مستكبرًا عن طاعة ربه ، فطرده وأبعده ، فلا تتبعه تصر مثله .
القول في تأويل قوله تعالى : { يَأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ الشّيْطَانَ إِنّ الشّيْطَانَ كَانَ لِلرّحْمََنِ عَصِيّاً } .
يقول تعالى ذكره : يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان لله عاصيا . والعصيّ هو ذو العصيان ، كما العليم ذو العلم . وقد قال قوم من أهل العربية : العصيّ : هو العاصي ، والعليم هو العالم ، والعريف هو العارف ، واستشهدوا لقولهم ذلك ، بقول طريف بن تميم العنبريّ .
أوَ كُلّما وَرَدَتْ عُكاظَ قَبِيلَةٌ *** بَعَثُوا إليّ عَرِيفَهُمْ يَتَوَسّمُ
ثم ثبطه عما كان عليه بأنه مع خلوة عن النفع مستلزم للضر فإنه في الحقيقة عبادة الشيطان من حيث إنه الآمر به فقال :
{ يا أبت لا تعبد الشيطان } ولما استهجن ذلك بين وجه الضر فيه بأن الشيطان مستعص على ربك المولي للنعم بقوله : { إن الشيطان كان للرحمان عصيا } ومعلوم أن المطاوع للعاصي عاص وكل عاص حقيق بأن تسترد منه النعم وينتقم منه ولذلك عقبه بتخويفه سوء عاقبته وما يجر إليه فقال : { يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمان فتكون للشيطان وليا } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.