التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَحَمَلۡنَٰهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلۡوَٰحٖ وَدُسُرٖ} (13)

ثم بين - سبحانه - بعض مظاهر فضله على عبده نوح - عليه السلام - فقال : { وَحَمَلْنَاهُ على ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا . . . } .

والدُسْر : الدفع الشديد بقوة ، سمى به المسمار ، لأنه يدق فى الخشب فيدفع بقوة .

وقيل : الدسر : الخيوط التى تشد بها ألواح السفينة ، وقيل الدسر : صدرها ومقدمتها ، وقوله : { ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ } صفة لموصوف محذوف .

أى : وحملنا نوحا ومن معه من المؤمنين ، على سفينة ذات ألواح من الخشب ومسامير يشد بها هذا الخشب ويربط .

قال صاحب الكشف : قوله : { وَحَمَلْنَاهُ على ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ } أراد السفينة ، وهو من الصفات التى تقوم مقام الموصوفات ، فتنوب منابها ، وتؤدى مؤداها ، بحيث لا يفصل بينهما وبينها .

وهذا من فصيح الكلام وبديعه .

وعدى فعل { وَحَمَلْنَاهُ } إلى نوح وحده ، مع أن السفينة حملت معه المؤمنين ، لأن هذا الحمل كان إجابة لدعوته ، وقد جاءت آيات أخرى أخبرت بأن المؤمنين كانوا معه فى السفينة ، ومن هذه الآيات ، قوله - تعالى - : { فَإِذَا استويت أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الفلك فَقُلِ الحمد للَّهِ الذي نَجَّانَا مِنَ القوم الظالمين . . }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَحَمَلۡنَٰهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلۡوَٰحٖ وَدُسُرٖ} (13)

حتى إذا صار طوفانا يطم ويعم ، ويغمر وجه الأرض ، ويطوي الدنس الذي يغشى هذا الوجه . وقد يئس الرسول من تطهيره ، وغلب على أمره في علاجه . امتدت اليد القوية الرحيمة إلى الرسول الذي دعا دعوته ، فتحرك لها الكون كله . امتدت له هذه اليد بالنجاة وبالتكريم :

( وحملناه على ذات ألواح ودسر . تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر ) . .

وظاهر من العبارة تفخيم السفينة وتعظيم أمرها . فهي ذات ألواح ودسر . توصف ولا تذكر لفخامتها وقيمتها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَحَمَلۡنَٰهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلۡوَٰحٖ وَدُسُرٖ} (13)

{ وحملناه على ذات ألواح } ذات أخشاب عريضة . { ودسر } ومسامير جمع دسار من الدسر ، وهو الدفع الشديد وهي صفة للسفينة أقيمت مقامها من حيث أنها كالشرح لها تؤدي مؤداها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَحَمَلۡنَٰهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلۡوَٰحٖ وَدُسُرٖ} (13)

و { ذات ألواح ودُسُر } صفة السفينة ، أقيمت مقام الموصوف هنا عوضاً عن أن يقال : وحملناه على الفلك لأن في هذه الصفة بيان متانة هذه السفينة وإحكام صنعها . وفي ذلك إظهار لعناية الله بنجاة نوح ومن معه فإن الله أمره بصنع السفينة وأوحى إليه كيفية صنعها ولم تكن تعرف سفينة قبلها ، قال تعالى : { وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون واصنع الفلك بأعيننا ووحينا } [ هود : 36 ، 37 ] ، وعادة البلغاء إذا احتاجوا لذكر صفة بشيء وكان ذكرها دالاً على موصوفها أن يستغنوا عن ذكر الموصوف إيجازاً كما قال تعالى : { أن اعمل سابغات } [ سبأ : 11 ] ، أي دروعاً سابغات .

والحمل : رفع الشيء على الظهر أو الرأس لنقله { وتحمل أثقالكم } [ النحل : 7 ] وله مجازات كثيرة .

والألواح : جمع لوح ، وهو القطعة المسوّاة من الخشب .

والدسر : جمع دِسار ، وهو المسمار .

وعدي فعل ( حملنا ) إلى ضمير نوح دون من معه من قومه لأن هذا الحمل كان إجابة لدعوته ولنصره فهو المقصود الأول من هذا الحمل ، وقد أشار إلى ذلك قوله تعالى : { فأنجيناه والذين معه برحمة منا } [ الأعراف : 72 ] وقوله : { فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك } [ المؤمنون : 28 ] ونحوه من الآيات الدالة على أنه المقصود بالإنجاء وأن نجاة قومه بمعيته ، وحسبك قوله تعالى في تذييل هذه الآية { جزاء لمن كان كفر } فإن الذي كان كُفِر هو نوح كفر به قومه .

و { على } للاستعلاء المجازي وهو التمكن كقوله تعالى : { فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك } ، وإلا فإن استقراره في السفينة كائن في جوفها كما قال تعالى : { إنا لما طغا الماء حملناكم في الجارية } [ الحاقة : 11 ] { قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين } [ هود : 40 ] .