ثم بين - سبحانه - بعض النعم الأخرى التى تحملها الأرض لهم فقال : { وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ العيون } .
والآية الكريمة معطوفة على قوله : { أَحْيَيْنَاهَا } ، ونخيل : جمع نخل ، كعبيد جمع عبد ، وأعناب : جمع عنب : والعيون : جمع عين . والمراد بها : الآبار التى تسقى بها الزروع .
أى : أحيينا هذه الأرض الميتة بالماء . . وجعلنا فيها - بقدرتنا ورحمتنا - بساتين كثيرة من نخيل وأعناب ، وفجرنا وشققنا فيها كثيرا من الآبار والعيون التى تسقى بها تلك الزروع والثمار .
وخص النخيل والأعناب بالذكر ؛ لأنها أشقر الفواكه المعروفة لديهم ، وأنفعها عندهم .
وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حباً فمنه يأكلون ؛ وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب ، وفجرنا فيها من العيون ، ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم ، أفلا يشكرون ? سبحان الذي خلق الازواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون . .
إنهم يكذبون الرسل ، ولا يتدبرون مصارع المكذبين ، ولا يدركون دلالة كونهم يذهبون ولا يرجعون . والرسل إنما يدعونهم إلى الله . وكل ما في الوجود حولهم يحدثهم عن الله ، ويدل عليه ويشهد بوجوده . وهذه هي الأرض القريبة منهم ، يرونها ميتة لا حياة فيها ، ولا ماء ينشىء الحياة ، ثم يرونها حية تنبت الحب ، وتزدان بالجنات من نخيل وأعناب ، وتتفجر فيها العيون ، فتجري بالحياة حيث تجري .
والحياة معجزة لا تملك يد البشر أن تجريها ؛ إنما هي يد الله التي تجري المعجزات ، وتبث روح الحياة في الموات . وإن رؤية الزرع النامي ، والجنان الوارفة ، والثمر اليانع ، لتفتح العين والقلب على يد الله المبدعة ، وهي تشق التربة عن النبتة المتطلعة للحرية والنور ، وتنضر العود المستشرف للشمس والضياء ، وتزين الغصن اللدن بالورق والثمار ، وتفتح الزهرة وتنضج الثمرة ، وتهيئها للجني والقطاف . .
{ وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب } من أنواع النخل والعنب ؛ ولذلك جمعهما دون الحب ، فإن الدال على الجنس مشعر بالاختلاف ولا كذلك الدال على الأنواع ، وذكر النخيل دون التمور ليطابق الحب والأعناب لاختصاص شجرها بمزيد النفع وآثار الصنع . { وفجرنا فيها } وقرئ بالتخفيف ، والفجر والتفجير كالفتح والتفتيح لفظا ومعنى . { من العيون } أي : شيئا من العيون ، فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه ، أو { العيون } و { من } مزيدة عند الأخفش .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.