التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَٰغٗا لِّقَوۡمٍ عَٰبِدِينَ} (106)

واسم الإشارة فى قوله - تعالى - : { إِنَّ فِي هذا لَبَلاَغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ } يعود على القرآن الكريم الذى منه هذه السورة .

والبلاغ : الشىء الذى يكفى الإنسان للوصول إلى غايته . يقال : فى هذا الشىء بلاغ أى : كفاية أو سبب لبلوغ المقصد .

أى : إن فى هذا القرآن ، وفيما ذكر فى هذه السورة من آداب وهدايات ، وعقائد وتشريعات ، لبلاغا وكفاية فى الوصول إلى الحق ، لقوم عابدين .

وخص العابدين بالذكر ، لأنهم هم المنتفعون بتوجيهات القرآن الكريم ، إذ العابد لله - تعالى - بإخلاص ، يكون خاشع القلب ، نقى النفس ، مستعدا للتلقى والتدبر والانتفاع .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَٰغٗا لِّقَوۡمٍ عَٰبِدِينَ} (106)

93

وفي النهاية يجيء إيقاع الختام في السورة مشابها لإيقاع الافتتاح !

( إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين . وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين . قل : إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون ? فإن تولوا فقل : آذنتكم على سواء ، وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون . إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون . وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين . . قال : رب احكم بالحق ، وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون ) . .

( إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين ) . . إن في هذا القرآن وما يكشفه من سنن في الكون والحياة . ومن مصائر الناس في الدنيا والآخرة . ومن قواعد العمل والجزاء . . إن في هذا لبلاغا وكفاية للمستعدين لاستقبال هدى الله . ويسميهم( عابدين )لأن العابد خاشع القلب طائع متهيئ للتلقي والتدبر والانتفاع .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَٰغٗا لِّقَوۡمٍ عَٰبِدِينَ} (106)

وقوله : { إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ } أي : إن في هذا القرآن الذي أنزلناه على عبدنا محمد صلى الله عليه وسلم لبَلاغًا : لمَنْفعةَ وكفاية لقوم عابدين ، وهم الذين عبدوا الله بما شرعه وأحبه ورضيه ، وآثروا طاعة الله على طاعة الشيطان وشهوات أنفسهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَٰغٗا لِّقَوۡمٍ عَٰبِدِينَ} (106)

قالت فرقة الإشارة بقوله { في هذا } إلى هذه الأبيات المتقدمة ، وقالت فرقة الإشارة إلى القرآن بجملته ، و «العبادة » تتضمن الإيمان بالله تعالى .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَٰغٗا لِّقَوۡمٍ عَٰبِدِينَ} (106)

جملة { إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين } تذييل للوعد وإعلان بأن قد آن أوانه وجاء إبانه . فإن لم يأت بعد داوود قوم مؤمنون ورَثوا الأرض ، فلما جاء الإسلام وآمن الناس بمحمد صلى الله عليه وسلم فقد بلغ البلاغُ إليهم .

فالإشارة بقوله تعالى : { إن في هذا } إلى الوعد الموعود في الزبور والمبلّغ في القرآن .

والمراد بالقوم العابدين مَن شأنهم العبادة لا ينحرفون عنها قِيد أنملة كما أشعر بذلك جريان وصف العابدين على لفظ { قوم } المشعرِ بأن العبادة هي قِوام قوميتهم كما قدمناه عند قوله تعالى : { وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون } في آخر [ سورة يونس : 101 ] . فكأنه يقول : فقد أبلغتكم الوعد فاجتهدوا في نواله . والقوم العابدون هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الموجودون يومئذ والذين جاءوا من بعدهم .

والعبادة : الوقوف عند حدود الشريعة . قال تعالى : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } [ آل عمران : 110 ] . وقد ورثوا هذا الميراث العظيم وتركوه للأمة بعدهم ، فهم فيه أطوار كشأن مختلف أحوال الرشد والسفه في التصرف في مواريث الأسلاف .

وما أشبه هذا الوعد المذكورَ هنا ونوطَه بالعبادة بالوعد الذي وُعدته هذه الأمة في القرآن : { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون } [ النور : 5556 ] .