التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ إِنِّي خَٰلِقُۢ بَشَرٗا مِّن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ} (28)

ثم حكى - سبحانه - ما أمر به ملائكته عندما توجهت إرادته - سبحانه - لخلق آدم ، فقال - تعالى - : { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلآئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } .

أى : واذكر - أيها العاقل - وقت أن قال ربك - سبحانه - للملائكة - الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون - { إنى خالق } بقدرتى { بشرا } أى : إنسانا ، وعبر عنه بذلك اعتبارا بظهور بشرته وهى ظاهر الجلد { مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ إِنِّي خَٰلِقُۢ بَشَرٗا مِّن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ} (28)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذْ قَالَ رَبّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنّي خَالِقٌ بَشَراً مّن صَلْصَالٍ مّنْ حَمَإٍ مّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : و اذكر يا محمد إذْ قالَ رَبّكَ للْمَلائِكَة إنّي خالِقٌ بَشَرا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ فإذَا سَوّيْتُهُ يقول : فإذا صوّرته فعدّلت صورته وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فصار بشرا حيّا فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ سجود تحية وتكرمة لا سجود عبادة . وقد :

حدثني جعفر بن مكرم ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا شبيب بن بشر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما خلق الله الملائكة قال : إني خالق بشرا من طين ، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له فقالوا : لا نفعل . فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم . وخلق ملائكة أخرى ، فقال : إني خالق بشرا من طين ، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له فأبَوا ، قال : فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم . ثم خلق ملائكة أخرى ، فقال : إني خالق بشرا من طين ، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له فأبوا ، فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم . ثم خلق ملائكة ، فقال : إني خالق بشرا من طين ، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له فقالوا : سمعنا وأطعنا . إلا إبليس كان من الكافرين الأوّلين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ إِنِّي خَٰلِقُۢ بَشَرٗا مِّن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ} (28)

{ إذ } نصب بإضمار فعل تقديره : اذكر إذ قال ربك ، و «البشر » هنا آدم ، وهو مأخوذ من البشرة ، وهي وجه الجلد ، في الأشهر من القول . ومنه قول النبي عليه السلام : «وافقوا البشر » وقيل البشرة ما يلي اللحم ، ومنه قولهم في المثل : إنما يعاتب الأديم ذو البشرة{[7165]} لأن تلك الجهة هي التي تبشر .

وأخبر الله تعالى الملائكة بعجب عندهم ، وذلك أنهم كانوا مخلوقين من نور - فهي مخلوقات لطاف - فأخبرهم : أنه لا يخلق جسماً حياً ذا بشرة وأنه يخلقه { من صلصال } .

قال القاضي أبو محمد : «والبشر » والبشارة أيضاً أصلهما البشرة لأنهما فيها يظهران .


[7165]:جاء في "مجمع الأمثال" للميداني: "المعاتبة: المعاودة، وبشرة الأديم: ظاهرة الذي عليه الشعر، أي: إنما يعاد إلى الدباغ من الأديم ما سلمت بشرته، يضرب لمن فيه مراجعة ومستعتب، قال الأصمعي: كل ما كان في الأديم محتمل ما سلمت البشرة، فإذا تغلت بطل الأديم".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ إِنِّي خَٰلِقُۢ بَشَرٗا مِّن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ} (28)

عطف قصة على قصة .

و { إذ } مفعول لفعل ( اذكر ) محذوف . وقد تقدم الكلام في نظائره في سورة البقرة وفي سورة الأعراف .

والبشر مرادف الإنسان ، أي أنّي خالق إنساناً . وقد فهم الملائكة الحقيقة بما ألقَى الله فيهم من العلم ، أو أن الله وصف لهم حقيقة الإنسان بالمعنى الذي عبّر عنه في القرآن بالعبارة الجامعة لذلك المعنى .

وإنما ذُكر للملائكة المادة التي منها خلق البشر ليعلموا أن شرف الموجودات بمزاياها لا بمادة تركيبها كما أومأ إلى ذلك قوله : { فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين } .