المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ إِنِّي خَٰلِقُۢ بَشَرٗا مِّن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ} (28)

{ إذ } نصب بإضمار فعل تقديره : اذكر إذ قال ربك ، و «البشر » هنا آدم ، وهو مأخوذ من البشرة ، وهي وجه الجلد ، في الأشهر من القول . ومنه قول النبي عليه السلام : «وافقوا البشر » وقيل البشرة ما يلي اللحم ، ومنه قولهم في المثل : إنما يعاتب الأديم ذو البشرة{[7165]} لأن تلك الجهة هي التي تبشر .

وأخبر الله تعالى الملائكة بعجب عندهم ، وذلك أنهم كانوا مخلوقين من نور - فهي مخلوقات لطاف - فأخبرهم : أنه لا يخلق جسماً حياً ذا بشرة وأنه يخلقه { من صلصال } .

قال القاضي أبو محمد : «والبشر » والبشارة أيضاً أصلهما البشرة لأنهما فيها يظهران .


[7165]:جاء في "مجمع الأمثال" للميداني: "المعاتبة: المعاودة، وبشرة الأديم: ظاهرة الذي عليه الشعر، أي: إنما يعاد إلى الدباغ من الأديم ما سلمت بشرته، يضرب لمن فيه مراجعة ومستعتب، قال الأصمعي: كل ما كان في الأديم محتمل ما سلمت البشرة، فإذا تغلت بطل الأديم".