التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ هُوَ يُبۡدِئُ وَيُعِيدُ} (13)

{ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ } أى : إنه وحده هو الذى يخلق الخلق أولا فى الدنيا ، ثم يعيدهم إلى الحياة بعد موتهم للحساب والجزاء ، وهو - سبحانه - وحده الذى يبدئ البطش بالكفار فى الدنيا ثم يعيده عليهم فى الآخرة بصورة أشد وأبقى .

وحذف - سبحانه - المفعول فى الفعلين ، لقصد العموم ، ليشمل كل ما من شأنه أن يبدأ وأن يعاد من الخلق أو من العذاب أو من غيرهما .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ هُوَ يُبۡدِئُ وَيُعِيدُ} (13)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعّالٌ لّمَا يُرِيدُ * هَلُ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ } .

اختلف أهل التأويل في معنى قوله : إنّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ فقال بعضهم : معنى ذلك : إن الله أبدى خلقه ، فهو يبتدىء ، بمعنى : يحدث خلقه ابتداء ، ثم يميتهم ، ثم يعيدهم أحياء بعد مماتهم ، كهيئتهم . قبل مماتهم . ذكر من قال ذلك :

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : يُبْدِىءُ ويُعِيدُ يعني : الخلق .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ قال : يُبدىء الخلق حين خلقه ، ويعيده يوم القيامة .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : إنه هو يبدىء العذاب ويعيده . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس إنّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ قال : يبدىء العذاب ويعيده .

وأوليَ التأويلين في ذلك عندي بالصواب ، وأشبههما بظاهر ما دلّ عليه التنزيل ، القول الذي ذكرناه عن ابن عباس ، وهو أنه يُبدىء العذاب لأهل الكفر به ويعيد ، كما قال جلّ ثناؤه : فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنّمَ ولَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ في الدنيا ، فأبدأ ذلك لهم في الدنيا ، وهو يعيده لهم في الاَخرة .

وإنما قلت : هذا أولى التأويلين بالصواب ، لأن الله أتبع ذلك قوله إنّ بَطْشَ رَبّكَ لَشَدِيدٌ فكان للبيان عن معنى شدّة بطشه الذي قد ذكره قبله ، أشبه به بالبيان عما لم يجر له ذكر ومما يؤيد ما قلنا من ذلك وضوحا وصحة ، قوله : وَهُوَ الْغَفُورُ الوَدُودُ فبين ذلك عن أن الذي قبله من ذكر خبره عن عذابه وشدّة عقابه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ هُوَ يُبۡدِئُ وَيُعِيدُ} (13)

إنه يبدىء ويعيد يبدىء الخلق ويعيده أو يبدىء البطش بالكفرة في الدنيا ويعيده في الآخرة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ هُوَ يُبۡدِئُ وَيُعِيدُ} (13)

و { يبدىء ويعيد } ، قال الضحاك وابن زيد معناه : { يبدىء } الخلق بالإنشاء { ويعيد } بالحشر ، وقال ابن عباس ما معناه : إن ذلك عام في جميع الأشياء ، فهي عبارة عن أنه يفعل كل شيء إنه { يبدىء ويعيد } كلما يعاد ، وهذان قسمان مستوفيان جميع الأشياء ، وقال الطبري معناه : { يبدىء } العذاب ، ويعيده على الكفار

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ هُوَ يُبۡدِئُ وَيُعِيدُ} (13)

تصلح لأن تكون استئنافاً ابتدائياً انتُقل به من وعيدهم بعذاب الآخرة إلى توعدهم بعذاب في الدنيا يكون من بطش الله ، أردف به وعيد عذاب الآخرة لأنه أوقع في قلوب المشركين إذ هم يحسبون أنهم في أمن من العقاب إذ هم لا يصدقون بالبعث فحسبوا أنهم فازوا بطيب الحياة الدنيا .

والمعنى : أن الله يبطش بهم في البَدْء والعَوْد ، أي في الدنيا والآخرة .

وتَصلح لأن تكون تعليلاً لجملة : { إن بطش ربك لشديد } [ البروج : 12 ] لأن الذي يُبدِىء ويعيد قادر على إيقاع البطش الشديد في الدنيا وهو الإِبداء ، وفي الآخرة وهو إعادة البطش .

وتصلح لأن تكون إدماجاً للاستدلال على إمكان البعث أي أن الله يُبدِىء الخلقَ ثم يعيده فيكون كقوله تعالى : { وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه } [ الروم : 27 ] .

والبطش : الأخذ بعنف وشدة ويستعار للعقاب المؤلم الشديد كما هنا .

و { يبُدىء } : مرادف يَبْدَأ ، يقال : بَدَأ وأبْدَأ . فليست همزة أبدأ للتعدية .

وحُذف مفعولا الفعلين لقصد عموم تعلق الفعلين بكل ما يقع ابتداءً ، ويعادُ بعد ذلك فشمل بَدأ الخلق وإعادتَه وهو البعث ، وشمَل البطشَ الأول في الدنيا والبطش في الآخرة ، وشمل إيجاد الأجيال وأخلافها بعد هلاك أوائلها . وفي هذه الاعتبارات من التهديد للمشركين محامل كثيرة .

وضمير الفصل في قوله : { هو يبدىء } للتقوِّي ، أي لتحقيق الخبر ولا موقع للقصر هنا . إذ ليس في المقام ردّ على من يدّعي أن غير الله يبدىء ويعيد . وقد تقدم عند قوله تعالى : { أولئك هم المفلحون } في سورة البقرة ( 5 ) أن ضمير الفصل يليه الفعل المضارع على قول المازني ، وهو التحقيق . ودليلُه قوله : { ومكر أولئك هو يبور } وقد تقدم في سورة فاطر ( 10 ) .