التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمِ لَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًاۖ إِنۡ أَجۡرِيَ إِلَّا عَلَى ٱلَّذِي فَطَرَنِيٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (51)

ثم بين لهم بعد ذلك أنه لا يريد منهم جزاء ولا شكورا فى مقابل دعوته إياهم إلى الحق فقال : { ياقوم لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الذي فطرني . . . }

وفطرنى : أى خلقنى وأبدعنى على غير مثال سابق ، يقال : فطر الأمر . أى : ابتدأه وأنشأه . وفطر الله الخلق : أى خلقهم وأوجدهم . وأصل الفطر : الشق ، ثم استعمل فى الخلق والإِنشء مجازا .

والمعنى : ويا قوم لا أريد منكم على ما أدعوكم إليه أجرا منكم ، وإنما أجرى تكفل به الله الذى خلقنى بقدرته ، فهو وحده الذى أطلب منه الأجر والعطاء .

ومقصده من هذا القول ، إزالته ما عسى أن يكون قد حاك فى نفوسهم ، من أنه ما دعاهم إلى ما دعاهم إليه ، إلا أنه رجل يبتغى منهم الأجر الذى يجعله موسرا فيهم . .

والهمزة فى قوله { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } للاستفهام الإِنكارى ، وهى داخله على محذوف .

أى : أتجهلون ما هو واضح من الأمور ، فلا تعقلون أن أجر الناصحين المخلصين ، إنما هو من الله - تعالى - رب العالمين ورارقهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمِ لَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًاۖ إِنۡ أَجۡرِيَ إِلَّا عَلَى ٱلَّذِي فَطَرَنِيٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (51)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَقَوْمِ لآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَى الّذِي فَطَرَنِيَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } .

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هود لقومه : يا قوم لا أسألكم على ما أدعوكم إليه من إخلاص العبادة لله وخلع الأوثان والبراءة منها جزاء وثوابا . إنْ أجْرِيَ إلاّ على الّذِي فَطَرَنِي يقول : إن ثوابي وجزائي على نصيحتي لكم ، ودعائكم إلى الله ، إلا على الذي خلقني . أفَلا تَعْقِلُونَ يقول : أفلا تعقلون أني لو كنت أبتغي بدعايتكم إلى الله غير النصيحة لكم وطلب الحظّ لكم في الدنيا والاَخرة لالتمست منكم على ذلك بعض أعراض الدنيا وطلبت منكم الأجر والثواب ؟

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنْ أجْرِيَ إلاّ على الّذِي فَطَرَنِي أي خلقني .