التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٖ} (51)

وبعد هذا الحديث عن الكافرين وسوء مصيرهم ، ختم - سبحانه - السورة الكريمة بالحديث عن المتقين وحسن عاقبتهم فقال - تعالى - : { إِنَّ المتقين فِي . . . فارتقب إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ } .

أى : إن الذين اتقوا الله - تعالى - وصانوا أنفسهم عن كل ما لا يرضيه سيكونون يوم القيامة { فِي مَقَامٍ أَمِينٍ } أي : فى مكان يأمن معه صاحبه من كل خوف .

فالمراد بالمقام - بالفتح - موضع القيام ، أي : الثبات والملازمة . وقرأ ابن عامر ونافع ، { مُقَامٍ } - بضم الميم - أي : موضع الإِقامة . والمراد أنهم في مكان أو مجلس لا خوف فيه ولا مكروه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٖ} (51)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ الْمُتّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مّتَقَابِلِينَ } .

يقول تعالى ذكره : إن الذين اتقوا الله بأداء طاعته ، واجتناب معاصيه في موضع إقامة ، آمنين في ذلك الموضع مما كان يخاف منه في مقامات الدنيا من الأوصاب والعلل والأنصاب والأحزان .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : فِي مَقامٍ أمِينٍ ؛ فقرأته عامة قرّاء المدينة «في مُقامٍ أمِينٍ » بضم الميم ، بمعنى : في إقامة أمين من الظعن . وقرأته عامة قرّاء المصرين الكوفة والبصرة فِي مَقامٍ بفتح الميم على المعنى الذي وصفنا ، وتوجيها إلى أنهم في مكان وموضع أمين .

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنّ المُتّقِينَ فِي مَقَامٍ أمِينٍ إي والله ، أمين من الشيطان والأنصاب والأحزان .