التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{إِذۡ دَخَلُواْ عَلَيۡهِ فَقَالُواْ سَلَٰمٗا قَالَ إِنَّا مِنكُمۡ وَجِلُونَ} (52)

ثم فصل - سبحانه - ما دار بين إبراهيم وضيوفه فقال : { إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاماً . . } .

والظرف " إذ " منصوب على أنه مفعول به لفعل مقدر .

أى : ونبئهم - أيضًا - أيها الرسول الكريم - عن ضيف إبراهيم ، وقت أن دخلوا عليه ، فقالوا له على سبيل الدعاء أو التحية { سلاما } أى : سلمت سلاما . أو سلمنا سلاما .

فلفظ { سلاما } منصوب بفعل محذوف .

وقوله - سبحانه - { قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ } بيان لما رد به إبراهيم - عليه السلام - على الملائكة .

و { وجلون } جمع وجل ، والوجل : اضطراب يعترى النفس لتوقع حدوث مكروه . يقال : وجل الرجل وجلا فهو وجل إذا خاف .

أى : قال لهم إبراهيم بعد أن دخلوا عليه وبادروه بالتحية إنا منكم خائفون .

وقال { إنا منكم . . . } بصيغة الجمع ، لأنه قصد أن الخوف منهم قد اعتراه هو ، واعترى أهله معه .

وكان من أسباب خوفه منهم ، أنهم دخلوا عليه بدون إذن ، وفى غير وقت الزيارة وبدون معرفة سابقة لهم ، وأنهم لم يأكلوا من الطعام الذي قدمه إليهم . .

هذا ، وقد ذكر - سبحانه في سورة الذاريات أنه رد عليهم السلام فقال - تعالى - { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ المكرمين إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } كما بين - سبحانه - في سورة هود أن من أسباب خوفه منهم ، عدم أكلهم من طعامه . قال - تعالى - : { فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً . . . } أى خاف إبراهيم لما رأى أيدى الضيف لا تصل إلى طعامه .