التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَكَفَّرۡنَا عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡ وَلَأَدۡخَلۡنَٰهُمۡ جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ} (65)

وبعد أن حكى - سبحانه - ما حكى من رذائل أهل الكتاب وخصوصاً اليهود عقب ذلك بفتح باب الخير لهم متى آمنوا واتقوا فقال - تعالى :

{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الكتاب آمَنُواْ . . . }

المعنى : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الكتاب } من اليهود والنصارى { آمَنُواْ } برسول الله - صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من حق ونور { واتقوا } الله - تعالى - بأن صانوا أنفسهم عن كل ما لا يرضاه . لو أنهم فعلوا ذلك { لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } بأن رفعنا عنهم العقاب وسترنا عليهم معاصيهم فلم نحاسبهم عليها ، { وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النعيم } في الآخرة .

قال الفخر الرازي : واعلم أنه - سبحانه - لما بالغ في ذمهم وفي تهجين طريقتهم عقب ذلك ببيان أنهم لو آمنوا واتقوا لوجدوا سعادات الآخرة والدنيا . أما سعادات الآخرة فهي محوصورة في نوعين :

أحدهما : رفع العقاب .

والثاني : إيصال الثواب .

أما رفع العقاب فهو المراد بقوله : { لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } وأما إيصال التواب فهو المراد بقوله : { وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النعيم } .