فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِنَّ هَٰذَا لَرِزۡقُنَا مَا لَهُۥ مِن نَّفَادٍ} (54)

هذا القرآن ذكر وعبادة يتقرب به إلى الله ، أو هذا الثناء على المرسلين رفع لأقدارهم ، وبيان لشرفهم وإنا لنثني على الراشدين من بعدهم ، ونبشر المؤمنين الصالحين بطيب مآلهم ومصيرهم ، بجنات الخلد يدخلونها مكرمين من أي باب شاءوا من أبوابها الثمانية ، فهي مهيأة لاستقبالهم ، وخزنة الجنة يلقونهم يرحبون بهم ، ويحلون دار المقامة لا يمسهم فيها نصب ، ولا ينتابهم لغوب ، بل ولا يلحقهم مشيب ، لا يطالبون بعمل ، بل يتكئون على الفرش المرفوعة ، وأسرة بطائن فرشها من استبرق ، ولهم ما يطلبون من فاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة ، ويسقون من رحيق مختوم ختامه مسك ، وكأس كان مزاجها زنجبيلا { عينا فيها تسمى سلسبيلا }ومن أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ، وزوجاتهم طاهرات عفيفات لا تمتد أبصارهن إلى غير أزواجهن ، وهن أتراب وأمثال للأزواج في سن واحدة ، فاستبشروا أهل الإيمان بوعد ربكم الحق ، وإن رزقكم هذا أو نعيمكم باق خالد ، لا تتحولون عنه ، ولا تخرجون منه .