{ يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ( 6 ) الذي خلقك فسواك فعدلك ( 7 ) في أي صورة ما شاء ركبك ( 8 ) كلا بل تكذبون بالدين ( 9 ) وإن عليكم لحافظين ( 10 ) كراما كتابين ( 11 ) يعلمون ما تفعلون ( 12 ) }
نداء من الله تعالى لمن غوى ، ألا يغتر بحلم العلى الأعلى ، الذي خلق فأكمل وسوى وجمّل ، وأبدع وعدّل ، وصوّر ما شاء وكون ، وصنع الأشياء فأتقن ؛ أغرك من مولاك حلمه وفضله ؟ أم خدعك الشيطان وغرتك الأماني ، وهو سبحانه قد ذكر وأنذر وحذر : { يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور . إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير . الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير }{[9568]} لكنهم عموا وصموا ، وزعموا أن لن يبعثوا ؛ { كلا } { . . . وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما علمتم . . }{[9569]} ؛ { بل تكذبون بالدين } لا تصدقون بيوم البعث والحساب والجزاء { وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل بنبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد . أفترى على الله كذبا أم به جنة . . . } ، هكذا زعموا ، فرد الحق عليهم بقوله الحكيم : { . . بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد }{[9570]} ، { وإن عليكم لحافظين ، كراما كاتبين . يعلمون ما تفعلون } وإن عليكم أيها الناس والمكلفون رقباء من الملائكة يحفظون أقوالكم وأفعالكم ، ويكتبون أعمالكم وآثاركم ، وهم كرام على ربكم ، ويدرون ماذا تصنعون في خلواتكم وجلواتكم ، وفي إسراركم وعلانيتكم { أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون . أم يحسبون أنا لا تسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون }{[9571]} فاستحيوا أن يطالعوا منكم سيئة أو قبيحة ، وحاذروا أن يسجلوا عليكم فضيحة ، [ { يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم } أي أي شيء خدعك وجرأك على عصيانه تعالى وارتكاب ما لا يليق بشأنه عز شأنه وقد علمت ما بين يديك ، وما سيظهر من أعمالك عليك ؛ والتعرض لعنوان كرمه تعالى دون قهره سبحانه . . . للإيذان بأنه ليس مما يصلح أن يكون مدارا لاغتراره حسبما يغويه الشيطان ويقول له : افعل ما شئت فإن ربك كريم . . . فكأنه قيل : ما حملك على عصيان ربك الموصوف بما يزجر عنه ويدعو إلى خلافه ؟ ! واختلف في الإنسان المنادي فقيل : الكافر ، وقيل : الأعم الشامل للعصاة ، وهو الوجه ، لعموم اللفظ ، ولوقوعه بين المجمل ومفصله ، أعني { علمت نفس } و{ إن الأبرار } و{ إن الفجار } . . { في أي صورة ما شاء ركبك } أي : ركبك ووضعك في أي صورة اقتضتها مشيئته تعالى وحكمته جل وعلا من الصور المختلفة في الطول والقصر ومراتب الحسن ونحوها . . . وجوز أن تكون شرطية ، و{ شاء } فعل الشرط ، و{ ركبك } جزاؤه ، أي : إن شاء تركيبك في أي صورة غير هذه الصورة ركبك فيها ، والجملة الشرطية في موضع الصفة ل { صورة } والعائد محذوف . . ]{[9572]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.