الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{كِرَامٗا كَٰتِبِينَ} (11)

" كراما " أي علي . كقوله : " كرام بررة " [ عبس : 16 ] . وهنا ثلاث مسائل :

الأولى : روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أكرموا الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى حالتين : الخراءة{[15839]} أو الجماع ، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر بجرم [ حائط ]{[15840]} أو بغيره ، أو ليستره أخوه ) . وروي عن علي رضي الله عنه قال : ( لا يزال الملك موليا عن العبد ما دام بادي العورة ) وروي ( إن العبد إذا دخل الحمام بغير مئزر لعنه ملكاه ) .

الثانية : واختلف الناس في الكفار هل عليهم حفظة أم لا ؟ فقال بعضهم : لا ؛ لأن أمرهم ظاهر ، وعملهم واحد . قال الله تعالى : " يعرف المجرمون بسيماهم " [ الرحمن : 41 ] . وقيل : بل عليهم حفظة ؛ لقوله تعالى : " كلا بل تكذبون بالدين . وإن عليكم لحافظين . كراما كاتبين . يعلمون ما تفعلون " [ الانفطار : 9 - 12 ] . وقال : " وأما من أوتي كتابه بشمال " [ الحاقة : 25 ] وقال : " وأما من أوتي كتابه وراء ظهره " [ الإنشقاق :10 ] ، فأخبر أن الكفار يكون لهم كتاب ، ويكون عليهم حفظة . فإن قيل : الذي على يمينه أي شيء يكتب ولا حسنة له ؟ قيل له : الذي يكتب عن شماله يكون بإذن صاحبه ، ويكون شاهدا على ذلك وإن لم يكتب . والله أعلم .


[15839]:في أ، ب، ح، ط، ل: الخزاية، ورواية روح المعاني (حـ 9 ص 317): لا يفارقونكم إلا عند إحدى الغائط، والجنابة، والغسل.
[15840]:الزيادة من الدر المنثور وفيه سبب ورود الحديث أنه عليه السلام رأى رجلا يغتسل بفلاة من الأرض . . . الخ.