السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{كِرَامٗا كَٰتِبِينَ} (11)

{ كراماً } أي : على الله تعالى { كاتبين } أي : لهذه الأعمال في الصحف كما تكتب الشهود منكم العهود ليقع الجزاء على غاية التحرير .

تنبيه : هذا الخطاب وإن كان خطاب مشافهة إلا أنّ الأمّة أجمعت على عموم هذا الخطاب في حق المكلفين ، وقوله تعالى : { حافظين } جمع يحتمل أن يكونوا حافظين لجميع بني آدم من غير أن يختص واحد من الملائكة بواحد من بني آدم ، ويحتمل أن يكون الموكل بكل واحد منهم غير الموكل بالآخر ، ويحتمل أن يكون الموكل بكل واحد منهم جمعاً من الملائكة ، كما قيل : اثنان بالليل واثنان بالنهار ، أو كما قيل : إنهم خمسة .

واختلفوا في الكفار هل عليهم حفظة . فقيل : لا لأنّ أمرهم ظاهر وعملهم واحد ، قال تعالى : { يعرف المجرمون بسيماهم } [ الرحمن : 41 ] وقيل : عليهم حفظة وهو ظاهر قوله تعالى : { بل تكذبون بالدين 9 وإن عليكم لحافظين } [ الانفطار : 10 – 11 ] وقوله تعالى : { وأمّا من أوتي كتابه بشماله } [ الحاقة : 25 ] وقوله تعالى : { وأمّا من أوتي كتابه وراء ظهره } [ الانشقاق : 10 ] فأخبر أنّ لهم كتاباً وأنّ عليهم حفظة .

فإن قيل فأي شيء يكتب الذي عن يمينه ولا حسنة له ؟ أجيب : بأنّ الذي عن شماله يكتب بإذن صاحبه ويكون صاحبه شاهداً على ذلك وإن لم يكتب . وفي هذه الآية دلالة على أنّ الشاهد لا يشهد إلا بعد العلم لوصف الملائكة بكونهم حافظين كراماً كاتبين .