فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (24)

{ بل الذين كفروا يكذبون ( 22 ) والله أعلم بما يوعون ( 23 ) فبشرهم بعذاب أليم ( 24 ) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون ( 25 ) }

عجيب صدود الضالين وجحودهم ، استكبارهم عن الإذعان للحق وعنادهم ، فمع وضوح دلائل الإيمان ، وظهور البرهان على صدق القرآن لم يذعنوا له ، ولا خشعوا لعظمته ، ولا استجابوا لدعوته ، بل سارعوا إلى تكذيبه ، ونهوا عنه ، ونأوا عنه ، وعملوا على إطفاء نوره ؛ { والله أعلم بما يوعون( 23 ) } وربنا أعلم بما افتروه على كتابه الحق من قولهم : { إن هذا إلا سحر يؤثر . إن هذا إلا قول البشر }{[9909]} ؛ وصدق الله العلي العظيم : { إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا . . }{[9910]} ؛ { فبشرهم بعذاب أليم( 24 ) } أمر من الله تعالى لنبيه أن ينذرهم بما أعد الله لهم من عذاب موجع جزاء على تكذيبهم كتاب ربهم ؛ فأخبرهم يا محمد خبرا يظهر أثره على وجوههم وبشرتهم ، وتعلمهم به مآلهم ومصيرهم : والتبشير في المشهور الإخبار بسار . . . { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } استثناء منقطع من الضمير المنصوب في { فبشرهم } ؛ كأنه قال : لكن الذين صدقوا بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، { وعملوا الصالحات } أي أدوا الفرائض المفروضة عليهم { لهم أجر } ثواب { غير ممنون( 25 ) } غير منقوص ولا مقطوع . . . وذكرنا ناس من أهل العلم أن قوله : { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } ليس استثناء ، وإنما هو بمعنى الواو ، كأنه قال : والذين آمنوا .


[9909]:- سورة المدثر. الآيتين 24 25.
[9910]:- سورة فصلت. من الآية 40.