قوله تعالى : " إن الساعة لآتية " هذه لام التأكيد دخلت في خبر إن وسبيلها أن تكون في أول الكلام ؛ لأنها توكيد الجملة إلا أنها تزحلق عن موضعها ، كذا قال سيبويه . تقول : إن عمرا لخارج ، وإنما أخرت عن موضعها لئلا يجمع بينها وبين إن ؛ لأنهما يؤديان عن معنى واحد ، وكذا لا يجمع بين إن وأن عند البصريين . وأجاز هشام إن أن زيدا منطلق حق ؛ فإن حذفت حقا لم يجز عند أحد من النحويين علمته . قاله النحاس . " لا ريب فيها " لا شك ولا مرية . " ولكن أكثر الناس لا يؤمنون " أي لا يصدقون بها وعندها يبين فرق ما بين الطائع والعاصي .
ولما ثبت بهذا كله تمام القدرة ، وانتفى ما توهمه من لا بصر له من الطبائع ، ثبت قطعاً قوله : { إن الساعة } أي القيامة التي يجادله فيها المجادلون { لآتية } وعزتي ! للحكم بالعدل في المقارنة بين المسيء والمحسن لأنه لا يسوغ في الحكمة عند أحد من الخلق أن يساوي أحد بين محسن عبيده ومسيئهم ، فكيف يظن ذلك بأحكم الحاكمين الذي نشاهده يميت المسيء وهو في غاية النعمة والمعصية ، والمحسن وهو في غاية البلاء والطاعة ، والمظلوم قبل أن ينتصف من الظالم ، ولهذا الأمر الظاهر قال : { لا ريب فيها } أي لا شك في إتيانها بوجه من الوجوه ، لأفضي فيها بالعدل فأدخل فيها ناساً دار رحمتي ، وآخرين دار نقمتي .
ولما وصل الحال في أمرها إلى حد لا خفاء به أصلاً ، نفى الإيمان دون العلم فقال تعالى : { ولكن أكثر الناس } أي بما فيهم من النوس وهو الاضطراب ، وراعى معنى الأكثر فجمع لأن الجمع أدل على المراد وأقعد في التبكيت : { لا يؤمنون * } أي لا يجعلون المخبر لهم بإتيانها آمناً من التكذيب مع وضوح علمها لديهم ، وما ذاك إلا لعناد بعضهم وقصور نظر الباقين على الحس .
قوله : { إِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ لاَ رَيْبَ فِيهَا } ذلك إعلان رباني مجلجل يبين الله فيه حقيقة مزلزلة كبرى ، وهي قيام الساعة وفناء العالمين . وذلك حدث شامل مذهل ، وانقلاب كوني رعيب يأتي على الوجود كله فيحيله إلى يباب صفصف . وهذه حقيقة مسطورة كبرى ، وخَطْبٌ جلل رهيب يشهد الله أنه واقع لا محالة { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } أكثر الناس تائهون سادرون في الضلالة ؛ فقد غشيتهم الغفلة وأذهلهم النسيان وأعمتهم الحياة الدنيا بزخرفها وزينتها ، وأضلهم الشيطان بتزيينه وإغوائه . وهو قوله : { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } {[4029]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.