ولما قرر الدليل على إمكان وجود يوم القيامة أردفه بالإخبار عن وقوعها فقال تعالى : { إن الساعة } أي : القيامة التي يجادل فيها المجادلون { لآتية } أي : للحكم بالعدل بين المسيء والمحسن لأنه لا يسوغ في الحكمة عند أحد من الخلق أن يساوي بين محسن عبيده ومسيئهم { لا ريب } أي : لا شك { فيها } أي : في إتيانها .
ولما حصل الحال في أمرها إلى حد لا خفاء به أصلاً نفى الإيمان دون العلم فقال تعالى : { ولكن أكثر الناس لا يؤمنون } أي : لا يصدقون بها وما ذاك إلا لعناد بعضهم ولقصور نظر الباقين على الحس .
تنبيه : يأتي قبل قيام الساعة فتن أعظمها فتنة المسيح الدجال فعن هشام بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «ما بين خلق آدم عليه السلام إلى قيام الساعة أكبر من خلق الدجال » . معناه أكبر فتنة وأعظم شوكة من الدجال ، وعن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال فقال : «إنه أعور عين اليمنى كأنها عنبة طافية » ولأبي داود والترمذي عنه قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله تعالى بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال : «إني أنذركموه وما من نبي إلا أنذر قومه ، ولكن سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه تعلمون إنه أعور والله سبحانه ليس بأعور » . وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما من نبي إلا وأنذر قومه وأمته الأعور الدجال ألا وإنه أعور وإن ربكم ليس بأعور ، مكتوب بين عينيه كافر » وفي رواية مسلم : «بين عينيه ك ف ر يقرؤه كل مسلم » . وعن أسماء بنت يزيد الأنصارية قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فذكر الدجال فقال : «إن بين يديه ثلاثة سنين سنة تمسك السماء ثلث قطرها والأرض ثلث نباتها ، والثانية تمسك السماء ثلثي قطرها والأرض ثلثي نباتها ، والثالثة تمسك السماء قطرها كله والأرض نباتها كله فلا تبقى ذات ظلف ولا ذات ضرس من البهائم إلا هلكت ، ومن أشد فتنته أن يأتي الأعرابي فيقول : أرأيت إن أحييت لك إبلك ألست تعلم أني ربك ؟ فيقول : بلى ، فيمثل له مثل إبله كأحسن ما تكون ضروعاً وأسنمة ، ويأتي الرجل قد مات أخوه ومات أبوه فيقول : إن أحييت لك أباك وأحييت لك أخاك ألست تعلم أني ربك ؟ فيقول : بلى ، فيمثل له الشيطان نحو أبيه ونحو أخيه قالت : ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته ثم رجع والقوم في اهتمام وغم مما حدثهم فأخذ بلحمتي الباب فقال : مهيم أسماء قلت : يا رسول الله قد خلعت أفئدتنا بذكر الدجال قال : إن يخرج وأنا حي فأنا حجيجه وإلا فربي خليفتي على كل مؤمن ، قالت : فقلت يا رسول الله : إنا لنعجن عجيننا فما نخبزه حتى نجوع فكيف بالمؤمنين حينئذ ؟ قال : يجزيهم ما يجزي أهل السماء من التسبيح والتقديس » . وروى البغوي بسنده عنها أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يمكث الدجال في الأرض أربعين سنة السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم واليوم كاضطرام السعفة في النار » انتهى . والذي جاء في صحيح مسلم قالت : قلت يا رسول الله ما مكثه في الأرض ؟ قال : «أربعون يوماً يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيامكم قلنا : يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة يكفينا فيه صلاة يوم ؟ قال : لا اقدروا له قدراً ، قلنا : يا رسول الله وما إسراعه في الأرض ؟ قال : كالغيث استدبرته الريح » . وفي رواية أبي داود : «فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف فإنها جواركم من فتنته » ومنه : «ثم ينزل عيسى عليه السلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق فيدركه عند باب لد فيقتله » وعن حذيفة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إن مع الدجال إذا خرج ماء وناراً ، فأما الذي يرى الناس أنه نار فماء بارد وأما الذي يرى الناس أنه ماء فنار تحرق ، فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يرى الناس أنه نار فإنه ماء عذب بارد » . وعن أبي هريرة : «ألا أحدثكم حديثاً عن الدجال ما حدث به نبي قومه إنه أعور وإنه يجيء بمثال الجنة والنار فالتي يقول : إنها الجنة هي النار وإني أنذركم كما أنذر نوح قومه » وعن المغيرة بن شعبة قال : «ما سأل أحد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدجال أكثر ما سألته وأنه قال لي : ما يضرك قلت إنهم يقولون : أن معه جبال خبز ونهر ماء قال : هو أهون على الله من ذلك » .
أي : أهون على الله من أن يجعل ما خلق الله بيده مضلاً للمؤمنين ومشككاً لقلوبهم ، بل إنما جعله الله تعالى ليزدادوا إيماناً وتثبت الحجة على الكافرين والمنافقين ، وليس معناه ليس معه شيء من ذلك لما مر في الحديث أن معه ماء وناراً وذكر فيه أحاديث كثيرة ، وفي هذا القدر تذكرة لأولي الألباب أجارنا الله تعالى وأحبابنا من فتنته آمين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.