وقرىء : «فلا يحزنك » بفتح الياء وضمها ، من حزنه أحزنه . والمعنى : فلا يهمنك تكذيبهم وأذاهم وجفاؤهم ، فإنا عالمون بما يسرون لك من عداوتهم { وَمَا يُعْلِنُونَ } وإنا مجاوزهم عليه ، فحقّ مثلك أن يتسلى بهذا الوعيد ويستحضر في نفسه صورة حاله وحالهم في الآخرة حتى ينقشع عنه الهمّ ولا يرهقه الحزن .
فإن قلت : ما تقول فيمن يقول : إن قرأ قارىء : «أنا نعلم » بالفتح : انتقضت صلاته ، وإن اعتقد ما يعطيه من المعنى : كفر ؟ قلت : فيه وجهان ، أحدهما : أن يكون على حذف لام التعليل ، وهو كثير في القرآن وفي الشعر ، وفي كل كلام وقياس مطرد ، وهذا معناه ومعنى الكسر سواء . وعليه تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنّ الحمد والنعمة لك " ، كسر أبو حنيفة وفتح الشافعي ، وكلاهما تعليل . والثاني : أن يكون بدلاً من { قَوْلُهُمْ } كأنه قيل : فلا يحزنك ، أنا نعلم ما يسرون وما يعلنون . وهذا المعنى قائم مع المكسورة إذا جعلتها مفعولة للقول ، فقد تبين أن تعلق الحزن بكون الله عالماً وعدم تعلقه لا يدوران على كسر إن وفتحها ، وأنما يدوران على تقديرك ، فتفصل إن فتحت بأن تقدّر معنى التعليل ولا تقدّر البدل ، كما أن تفصل بتقدير معنى التعليل إذا كسرت ولا تقدّر معنى المفعولية ، ثم إن قدّرته كاسراً أو فاتحاً على ما عظم فيه الخطب ذلك القائل ، فما فيه إلا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحزن على كون الله عالماً بسرهم وعلانيتهم ، وليس النهي عن ذلك مما يوجب شيئاً ، ألا ترى إلى قوله تعالى : { فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً للكافرين } [ القصص : 86 ] ، { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المشركين } [ القصص : 87 ] ، { وَلاَ تَدْعُ مَعَ الله إلها ءاخَرَ } [ القصص : 88 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.