الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَقَالَ مُوسَىٰٓ إِنِّي عُذۡتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٖ لَّا يُؤۡمِنُ بِيَوۡمِ ٱلۡحِسَابِ} (27)

لما سمع موسى عليه السلام بما أجراه فرعون من حديث قتله : قال لقومه { إِنّى عُذْتُ } بالله الذي هو ربي وربكم ، وقوله : { وَرَبِّكُمْ } فيه بعث لهم على أن يقتدوا به ، فيعوذوا بالله عياذه ، ويعتصموا بالتوكل عليه اعتصامه ، وقال : { مّن كُلِّ مُتَكَبّرٍ } لتشمل استعاذته فرعون وغيره من الجبابرة ، وليكون على طريقة التعريض ؛ فيكون أبلغ ، وأراد بالتكبر : الاستكبار عن الإذعان للحق ، وهو أقبح استكبار وأدله على دناءة صاحبه ومهانة نفسه ، وعلى فرط ظلمه وعسفه ، وقال : { لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الحساب } لأنه إذا اجتمع في الرجل التجبر والتكذيب بالجزاء وقلة المبالاة بالعاقبة ، فقد استكمل أسباب القسوة والجراءة على الله وعباده ، ولم يترك عظيمة إلاّ ارتكبها : وعذت ولذت : أخوان . وقرىء : «عت » بالإدغام .