اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقَالَ مُوسَىٰٓ إِنِّي عُذۡتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٖ لَّا يُؤۡمِنُ بِيَوۡمِ ٱلۡحِسَابِ} (27)

قوله : { وَقَالَ موسى إِنِّي عُذْتُ } قرأ نافع وأبو عمرو و حمزة والكسائي عُدتّ بإدغام الذال ، والباقون بالإظهار{[48088]} . وقوله «لاَ يُؤْمِنُ » صفة «لِمُتَكَبِّرٍ » .

فصل

لما توعد فرعونُ موسى بالقتل لم يأت في دفع شره إلا بأن استعاذ بالله واعتمد على فضل الله فلا جَرَمَ صانه الله وحفظه منه . واعلم أن الموجب للإقدام على إيذاء الناس أمران :

أحدهما : كون الإنسان متكبراً قاسِيَ القلب .

والثاني : كونه منكراً للعبث والقيامة .

لأن المتكبر القاسي القلب قد يحمله طبعه على إيذاء الناس إلا أنه إذا كان مقرّاً بالبعث والحساب صار خوفه من الحساب مانعاً له من الجري على موجب تكبّره فإذا لم يحصل له الإيمان بالبعث والقيامة كان طبعه داعياً له إلى الإيذاء ، لأن المانع وهو الخوف من السؤال والحساب زائلٌ فلا جَرَمَ تعظيم القَسْوةُ والإيذاء{[48089]} .


[48088]:ذكرها صاحب السبعة 570 والدر المصون 4/688 والنشر 2/365 وهي قراءة متواترة.
[48089]:وانظر هذين الفصلين في تفسير الإمام الفخر الرازي 27/55، 56.