غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَقَالَ مُوسَىٰٓ إِنِّي عُذۡتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٖ لَّا يُؤۡمِنُ بِيَوۡمِ ٱلۡحِسَابِ} (27)

23

ثم حكى ما ذكره موسى في دفع شر فرعون وهو العوذ بالله . وفي تصدير الجملة بأن دلالة على أن الطريق المعتبر في دفع الآفات الاستغاثة والاستعاذة برب الأرض والسماوات . وفي قوله { بربي } إشارة إلى أن الذي رباني وإلى درجات الخير رقاني سيعصمني من شر هذا المارد الجاني . وفي قوله { وربكم } احتراز عن أن يظن ظانّ أنه يريد به فرعون لأنه رباه في صغر{ ألم نربك فينا وليدا } [ الشعراء : 18 ] وفيه بعث لقوم موسى على أن يقتدوا به في الاستعاذة فإن اجتماع النفوس له تأثير قوي . وفي قوله { من كل متكبر } أي متكبر عن قبول الحق على سبيل العموم فائدتان : إحداهما شمول الدعاء فيدخل فيه فرعون بالتبعية . والثانية أن فرعون رباه في الصغر فلعله راعى حسن الأدب في عدم تعيينه . وأما وصف المتكبر بقوله { لا يؤمن بيوم الحساب } فلأن الموجب لإيذاء الناس أمران : أحدهما قسوة القلب . والثاني عدم اعتقاد بالجزاء والحساب . ولا ريب أنه إذا اجتمع الأمران كان الخطب أفظع لاجتماع المقتضى وارتفاع المانع .

/خ50