الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{قَالَ نَعَمۡ وَإِنَّكُمۡ لَمِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ} (114)

فإن قلت : { وَإِنَّكُمْ لَمِنَ المقربين } ما الذي عطف عليه ؟ قلت : هو معطوف على محذوف سدّ مسدّه حرف الإيجاب ، كأنه قال إيجاباً لقولهم : إن لنا لأجراً : نعم إنّ لكم لأجراً ، وإنكم لمن المقرّبين ، أراد : إني لأقتصر بكم على الثواب وحده ، وإنّ لكم مع الثواب ما يقل معه الثواب ، وهو التقريب والتعظيم ، لأنّ المثاب إنما يتهنأ بما يصل إليه ويغتبط به إذا نال معه الكرامة والرفعة . وروي أنه قال لهم : تكونون أول من يدخل وآخر من يخرج . وروى : أنه دعا برؤساء السحرة ومعلميهم فقال لهم : ما صنعتم ؟ قالوا قد علمنا سحراً لا يطيقه سحرة أهل الأرض ، إلاّ أن يكون أمراً من السماء فإنه لا طاقة لنا به . وروي أنهم كانوا ثمانين ألفاً . وقيل : سبعين ألفاً وقيل : بضعة وثلاثين ألفاً . واختلفت الروايات فمن مقل ومن مكثر . وقيل : كان يعلمهم مجوسيان من أهل نينوى . وقيل : قال فرعون : لا نغالب موسى إلاّ بما هو منه ، يعني السحر .