اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَ نَعَمۡ وَإِنَّكُمۡ لَمِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ} (114)

فإن قيل : قوله : { وإنكم لمن المقربين } معطوف على ماذا ؟ فالجوابُ أنَّهُ معطوف على محذوف ، وهو الجملة التي نابت " نعم " عنها في الجواب إذا التقديرُ : قال : نعم إنَّ لكم لأجراً وإنكم لمن المقربين ، أي : إني لا أقصركم على الثَّواب ، بل أزيدكم عليه بأن أجعلكم من المقرّبين عندي .

قال المتكلمون : " وهذا يدلُّ على أنَّ الثواب إنَّما يَعظم موقعه إذا كان مقروناً بالتعظيم " .

وهذه الآية تدلُّ على أنَّ كل الخلق كانوا عالمين بأن فرعون كان عبداً ذليلاً عاجزاً وإلا لما احتاج إلى الاستعانة بالسحرة في دفع موسى ، ويدلُّ على أن السَّحَرَة لم يقدروا على قلب الأعيان ، وإلا لما احتاجوا إلى طلبِ الأجْرِ والمال من فرعون ؛ لأنهم لو قدروا على قلب الأعيان فَلَمَ لم يقلبوا التراب ذهباً ، ولِمَ لَمْ ينقلوا ملك فرعون إلى أنفسهم ، ولِمَ لَمْ يجعلوا أنفسهم مُلُوك العالم . والمقصودُ من هذه الآيات تنبيه الإنسان على الاحتراز عن الاغترار بكلمات أهل الأبَاطيل .