الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{عَلَيۡهَا تِسۡعَةَ عَشَرَ} (30)

{ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } أي يلي أمرها ويتسلط على أهلها تسعة عشر ملكاً . وقيل : صنفاً من الملائكة . وقيل : صفة . وقيل : نقيباً . وقرىء : «تسعة عشر » بسكون العين لتوالي الحركات في ما هو في حكم اسم واحد وقرىء «تسعة أعشر » جمع عشير ، مثل : يمين وأيمن جعلهم ملائكة لأنهم خلاف جنس المعذبين من الجن والإنس ، فلا يأخذهم ما يأخذ المجانس من الرأفة والرقة ، ولا يستروحون إليهم ، ولأنهم أقوم مّنْ خلق الله بحق الله وبالغضب له ، فتؤمن هوادتهم ، ولأنهم أشد الخلق بأساً وأقواهم بطشاً . عن عمرو بن دينار : واحد منهم يدفع بالدفعة الواحدة في جهنم أكثر من ربيعة ومضر . وعن النبي صلى الله عليه وسلم : " كأن أعينهم البرق ، وكأن أفواههم الصياصي يجرون أشعارهم ، لأحدهم مثل قوّة الثقلين ، يسوق أحدهم الأمة وعلى رقبته جبل فيرمى بهم في النار بالجبل عليهم " وروي أنه لما نزلت { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } قال أبو جهل لقريش : ثكلتكم أمهاتكم ، أسمع ابن أبي كبشة يخبركم أنّ خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدهم ، أيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل منهم ، فقال أبو الأشد بن أسيد بن كلدة الجمحى وكان شديد البطش ، أنا أكفيكم سبعة عشر ، فأكفوني أنتم اثنين .