قوله تعالى : { أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون } وفيه وجوه ( أحدها ) المراد من الخزائن خزائن الرحمة ( ثانيها ) خزائن الغيب ( ثالثها ) أنه إشارة إلى الأسرار الإلهية المخفية عن الأعيان ( رابعها ) خزائن المخلوقات التي لم يرها الإنسان ولم يسمع بها ، وهذه الوجوه الأول والثاني منقول ، والثالث والرابع مستنبط ، وقوله تعالى : { أم هم المسيطرون } تتمة للرد عليهم ، وذلك لأنه لما قال : { أم عندهم خزائن ربك } إشارة إلى أنهم ليسوا بخزنة ( رحمة ) الله فيعلموا خزائن الله ، وليس بمجرد انتفاء كونهم خزنة ينتفي العلم لجواز أن يكون مشرفا على الخزانة ، فإن العلم بالخزائن عند الخازن والكاتب في الخزانة ، فقال لستم بخزنة ولا بكتبة الخزانة المسلطين عليها ، ولا يبعد تفسير المسيطرين بكتبة الخزانة ، لأن التركيب يدل على السطر وهو يستعمل في الكتاب ، وقيل المسيطر المسلط وقرئ بالصاد ، وكذلك في كثير من السيئات التي مع الطاء ، كما في قوله تعالى : { بمسيطر } و( قد قرئ ) مصيطر .
خزائن ربك : خزائن رزقه ونعمائه .
المسيطرون : القاهرون والمسلطون عليها ، من قولهم : سيطر على كذا ، إذا راقبه وأقام عليه . ***
37- { أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ } .
هل يملكون خزائن رحمة الله وفضله ، واختيار الأنبياء والأغنياء ، والأرزاق والألطاف ؟ كلا ، فذلك كلّه فضل الله .
وهل لهم سيطرة على هذه الأرزاق والألطاف ليتحكموا فيها ، فيطلبوا أن تكون الرسالة الخاتمة لرجل من القريتين عظيم ؟
وقريب من ذلك قوله تعالى : { وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ * أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَت رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا . . . }( الزخرف : 31-32 )
{ أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبّكَ } أي خزائن رزقه تعالى ورحمته حتى يرزقوا النبوة من شاءوا ، ويمسكوها عمن شاءوا ، وقال الرماني : خزائنه تعالى مقدوراته سبحانه ، وقال ابن عطية : المعنى أم عندهم الاستغناء عن الله تعالى عن جميع الأمور لأن المال والصحة والعزة وغير ذلك من الأشياء من خزائن الله تعالى ، وقال الزهري : يريد بالخزائن العلم واستحسنه أبو حيان ، وسيأتي إن شاء الله تعالى ما يعلم حاله منه .
{ أَمْ هُمُ } الأرباب الغالبون حتى يدبروا أمر الربوبية ويبنوا الأمور على إرادتهم ومشيئتهم فالمسيطر الغالب ، وفي معناه قول ابن عباس : المسلط القاهر وهو من سيطر على كذا إذا راقبه وأقام عليه وليس مصغراً كما يتوهم ولم يأت على هذه الزنة إلا خمسة ألفاظ أربعة من الصفات ، وهي مهيمن . ومسيطر . ومبيقر . ومبيطر ، وواحد من الأسماء ، وهو مجيمر اسم جبل ، وقرأ الأكثر { المصيطرون } بالصاد لمكان حرف الاستعلاء وهو الطاء ، وأشم خلف عن حمزة وخلاد عنه بخلاف الزاي .
{ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ } أي : أعند هؤلاء المكذبين خزائن رحمة ربك ، فيعطون من يشاءون ويمنعون من يريدون ؟ أي : فلذلك حجروا على الله أن يعطي النبوة عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ، وكأنهم الوكلاء المفوضون على خزائن رحمة الله ، وهم أحقر وأذل من ذلك ، فليس في أيديهم لأنفسهم نفع ولا ضر ، ولا موت ولا حياة ولا نشور .
{ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }
{ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ } أي : المتسلطون على خلق الله وملكه ، بالقهر والغلبة ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.