قوله تعالى : { أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون } وفيه وجوه ( أحدها ) المراد من الخزائن خزائن الرحمة ( ثانيها ) خزائن الغيب ( ثالثها ) أنه إشارة إلى الأسرار الإلهية المخفية عن الأعيان ( رابعها ) خزائن المخلوقات التي لم يرها الإنسان ولم يسمع بها ، وهذه الوجوه الأول والثاني منقول ، والثالث والرابع مستنبط ، وقوله تعالى : { أم هم المسيطرون } تتمة للرد عليهم ، وذلك لأنه لما قال : { أم عندهم خزائن ربك } إشارة إلى أنهم ليسوا بخزنة ( رحمة ) الله فيعلموا خزائن الله ، وليس بمجرد انتفاء كونهم خزنة ينتفي العلم لجواز أن يكون مشرفا على الخزانة ، فإن العلم بالخزائن عند الخازن والكاتب في الخزانة ، فقال لستم بخزنة ولا بكتبة الخزانة المسلطين عليها ، ولا يبعد تفسير المسيطرين بكتبة الخزانة ، لأن التركيب يدل على السطر وهو يستعمل في الكتاب ، وقيل المسيطر المسلط وقرئ بالصاد ، وكذلك في كثير من السيئات التي مع الطاء ، كما في قوله تعالى : { بمسيطر } و( قد قرئ ) مصيطر .
ثم يهبط بهم درجة عن درجة الخلق والإبداع لأنفسهم أو للسماوات والأرض . فيسألهم : هل هم يملكون خزائن الله ، ويسيطرون على القبض والبسط ، والضر والنفع :
( أم عندهم خزائن ربك ? أم هم المسيطرون ? ) . .
وإذا لم يكونوا كذلك ، ولم يدعوا هذه الدعوى . فمن ذا يملك الخزائن ، ومن ذا يسيطر على مقاليد الأمور ? القرآن يقول : إنه الله القابض الباسط ، المدبر المتصرف . وهذا هو التفسير الوحيد لما يجري في الكون من قبض وبسط وتصريف وتدبير . بعد انتفاء أن يكونوا هم المالكين للخزائن المسيطرين على تصريف الأمور !
{ أم عندهم خزائن ربك } : أي من الرزق والنبوة وغيرهما فيخصوا من شاءوا بذلك من الناس .
{ أم هم المسيطرون } : أي المتسلطون الغالبون فيتصرفون كيف شاءوا .
وقوله تعالى : { أم عندهم خزائن ربك } أي من الأرزاق والخيرات والفواضل والفضائل فيخصوا من شاءوا منها ويحرموا من شاءوا والجواب ليس لهم ذلك فلم إذاً ينكرون على الله ما أتى رسوله من الكمال والإفضال ؟ أم هم المسيطرون أي الغالبون القاهرون المتسلطون فيتصرفون كيف شاءوا في الملك ؟ والجواب : لا ، إذاً فلم هذا التحكم الفاسد .
{ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ } أي : أعند هؤلاء المكذبين خزائن رحمة ربك ، فيعطون من يشاءون ويمنعون من يريدون ؟ أي : فلذلك حجروا على الله أن يعطي النبوة عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ، وكأنهم الوكلاء المفوضون على خزائن رحمة الله ، وهم أحقر وأذل من ذلك ، فليس في أيديهم لأنفسهم نفع ولا ضر ، ولا موت ولا حياة ولا نشور .
{ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }
{ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ } أي : المتسلطون على خلق الله وملكه ، بالقهر والغلبة ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.