مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ نَحۡنُ جَمِيعٞ مُّنتَصِرٞ} (44)

ثم قال تعالى : { أم يقولون نحن جميع منتصر } تتميما لبيان أقسام الخلاص وحصره فيها ، وذلك لأن الخلاص إما أن يكون لاستحقاق من يخلص عن العذاب كما أن الملك إذا عذب جماعة ورأى فيهم من أحسن إليه فلا يعذبه ، وإما أن يكون لأمر في المخلص كما إذا رأى فيهم من له ولد صغير أو أم ضعيفة فيرحمه وإن لم يستحق ويكتب له الخلاص ، وإما أن لا يكون فيه ما يستحق الخلاص بسببه ولا في نفس المعذب مما يوجب الرحمة لكنه لا يقدر عليه بسبب كثرة أعوانه وتعصب إخوانه ، كما إذا هرب واحد من الملك والتجأ إلى عسكر يمنعون الملك عنه ، فكما نفى القسمين الأولين كذلك نفى القسم الثالث وهو التمتع بالأعوان وتحزب الإخوان ، وفيه مسائل :

المسألة الأولى : في حسن الترتيب وذلك لأن المستحق لذاته أقرب إلى الخلاص من المرحوم ، فإن المستحق لم يوجد فيه سبب العذاب والمرحوم وجد فيه ذلك ، ووجد المانع من العذاب ، وما لا سبب له لا يتحقق أصلا ، وماله مانع ربما لا يقوى المانع على دفع السبب ، وما في نفس المعذب من المانع أقوى من الذي بسبب الغير ، لأن الذي من عنده يمنع الداعية ولا يتحقق الفعل عند عدم الداعية ، والذي من الغير بسبب التمتع لا يقطع قصده بل يجتهد وربما يغلب فيكون تعذيبه أضعاف ما كان من قبل ، بخلاف من يرق له قلبه وتمنعه الرحمة فإنها وإن لم تمنعه لكن لا يزيد في حمله وحبسه وزيادته في التعذيب عند القدرة ، فهذا ترتيب في غاية الحسن .

المسألة الثانية : جميع فيه فائدتان إحداهما الكثرة والأخرى الاتفاق ، كأنه قال : نحن كثير متفقون فلنا الانتصار ولا يقوم غير هذه اللفظة مقامها من الألفاظ المفردة ، إنما قلنا : إن فيه فائدتين لأن الجمع يدل على الجماعة بحروفه الأصلية من ج م ع وبوزنه وهو فعيل بمعنى مفعول على أنهم جمعوا جمعيتهم العصبية ، ويحتمل أن يقال : معناه نحن الكل لا خارج عنا إشارة إلى أن من اتبع النبي صلى الله عليه وسلم لا اعتداد به قال تعالى في نوح : { أنؤمن لك واتبعك الأرذلون } { إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي } وعلى هذا { جميع } يكون التنوين فيه لقطع الإضافة كأنهم قالوا : نحن جمع الناس .

المسألة الثالثة : ما وجه إفراد المنتصر مع أن نحن ضمير الجمع ؟ نقول : على الوجه الأول ظاهر لأنه وصف الجزء الآخر الواقع خبرا فهو كقول القائل : أنتم جنس منتصر وهم عسكر غالب والجميع كالجنس لفظه لفظ واحد ، ومعناه جمع فيه الكثرة ، وأما على الوجه الثاني فالجواب عنه من وجهين ( أحدهما ) : أن المعنى وإن كان جميع الناس لا خارج عنهم إلا من لا يعتد به ، لكن لما قطع ونون صار كالمنكر في الأصل فجاز وصفه بالمنكر نظرا إلى اللفظ فعاد إلى الوجه الأول ( وثانيهما ) : أنه خبر بعد خبر ، ويجوز أن يكون أحد الخبرين معرفة والآخرين نكرة ، قال تعالى : { وهو الغفور الودود ، ذو العرش المجيد ، فعال لما يريد } وعلى هذا فقوله : { نحن جميع منتصر } أفرده لمجاورته جميع ، ويحتمل أن يقال معنى : { نحن جميع منتصر } أن جميعا بمعنى كل واحد كأنه قال : نحن كل واحد منا منتصر ، كما تقول : هم جميعهم أقوياء بمعنى أن كل واحد منهم قوي ، وهم كلهم علماء أي كل واحد عالم فترك الجمع واختار الإفراد لعود الخبر إلى كل واحد فإنهم كانوا يقولون : كل واحد منا يغلب محمدا صلى الله عليه وسلم كما قال أبي بن خلف الجمحي وهذا فيه معنى لطيف وهو أنهم ادعوا أن كل واحد غالب ، والله رد عليهم بأجمعهم بقوله : { سيهزم الجمع ويولون الدبر } .

 
المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ نَحۡنُ جَمِيعٞ مُّنتَصِرٞ} (44)

44- أيقول هؤلاء الكفار : نحن جمع مؤتلف ممتنع على أعدائه لا يغلب ؟ .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ نَحۡنُ جَمِيعٞ مُّنتَصِرٞ} (44)

ثم يلتفت عن خطابهم إلى خطاب عام ، يعجب فيه من أمرهم :

( أم يقولون : نحن جميع منتصر ) .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ نَحۡنُ جَمِيعٞ مُّنتَصِرٞ} (44)

{ أم يقولون نحن جميع } جماعة أمرنا . { منتصر } ممتنع لا نرام أو منتصر من الأعداء لا نغلب ، أو متناصر ينصر بعضنا بعضا والتوحيد على لفظ الجميع .

 
لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ نَحۡنُ جَمِيعٞ مُّنتَصِرٞ} (44)

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ نَحۡنُ جَمِيعٞ مُّنتَصِرٞ} (44)

{ أم يقولون } أي بل أيقول هؤلاء الكفار واثقين بشوكتهم : { نحن جميع } أي نحن يد واحدة ، على من خالفنا{ منتصر } أي ممتنع على من عادانا فلا نغلب . يقال : نصره الله فانتصر ، أي منعه فامتنع . أو معان على عدوه ؛ من النصر بمعنى العون . وقد رد الله تعالى عليهم بقوله : { سيهزم الجمع ويولون الدبر }

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ نَحۡنُ جَمِيعٞ مُّنتَصِرٞ} (44)

أم أن المشركين يقولون : نحن واثِقون بقوّتنا ونحن منتصِرون .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ نَحۡنُ جَمِيعٞ مُّنتَصِرٞ} (44)

وقالوا في قوله تعالى : { أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ } إنه إضراب من التبكيت المذكور إلى تبكيت آخر بطريق الالتفات للإيذان بإفضاء حالهم إلى الإعراض عنهم وإسقاطهم عن رتبة الخطاب وحكاية قبائحهم لغيرهم ، أي بل أيقولون واثقين بشوكتهم نحن جماعة أمرنا مجتمع لا يرام ولا يضام ، أو { مُّنتَصِرٌ } من الأعداء لا يغلب ، أو متناصر ينصر بعضنا بعضاً .

والذي يترجح في نظر الفقير أن الخطاب في الموضعين خاص على ما يقتضيه السياق بكفار أهل مكة أو العرب وهو ظاهر في الموضع الثاني لا يحتاج إلى شيء ، وأما في الموضع الأول فوجهه أن تكون الإضافة مثلها في الدراهم كلها كذا ، وطور سيناء ، ويوم الأحد ولم يقل أأنتم للتنصيص على كفرهم المقتضى لهلاكهم ، ويجوز أن يعتبر في { أكفاركم } [ القمر : 43 ] ضرب من التجريد الذي ذكروه في نحو { لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ } [ فصلت : 28 ] فكأنه جرد منهم كفار وأضيفوا إليهم ، وفي ذلك من المبالغة ما فيه ، ويجوز أن يكون هذا وجهاً للعدول عن أأنتم ، وربما يترجح به كون الخيرية المنفية باعتبار لين الشكيمة في الكفر وكأنه لما خوف سبحانه الكفار الذين كذبوا الآيات وأعرضوا عنها ، وقالوا هي سحر مستمر بذكر ما حل بالأمم السالفة مما تبرق وترعد منه أسارير الوعيد قال عز وجل لهم : لم لا تخافون أن يحل بكم مثل ما حل بهم أأنتم أقل كفراً وعناداً منهم ليكون ذلك سبباً للأمن من حلول نحو عذابهم بكم أم أعطاكم الله عز وجل براءة من عذابه أم أنتم أعز منهم منتصرون على جنود الله تعالى وعدل سبحانه عن أم أنتم جميع منتصر إلى ما في النظم الجليل للإشارة إلى أن ذلك مما لا تحقق له أصلاً إلا باللفظ ومحض الدعوى التي لا يوافق عليها فتأمل ، فأسرار كلام الله تعالى لا تتناهى ، ثم لا تعجل بالاعتراض على ما قلناه وإن لم يكن لنا سلف فيه حسبما تتبعنا ، ثم إن { جَمِيعٌ } على ما أشير إليه بمعنى الجماعة التي أمرها مجتمع وليس من التأكيد في شيء بل هو خبر { نَحْنُ } ، وجوز أن يكون بمعنى مجتمع خبر مبتدأ محذوف وهو { أَمْرُنَا } والجملة خبر { نَحْنُ } وأن يكون هو الخبر والإسناد مجازي ، و { مُّنتَصِرٌ } على ما سمعت إما بمعنى ممتنع يقال : نصره فانتصر إذا منعه فامتنع .

والمراد بالامتناع عدم المغلوبية أو هو بمعنى منتقم من الأعداء أو هو من النصر بمعنى العون ؛ والافتعال بمعنى التفاعل كالاختصام والتخاصم وكان الظاهر منتصرون إلا أنه أفرد باعتبار لفظ الجميع فإنه مفرد لفظاً جمع معنى ورجح هنا جانب اللفظ عكس { بل أنتم قوم تجهلون } [ النمل : 55 ] لخفة الإفراد مع رعاية الفاصلة وليس في الآية رعاية جانب المعنى أولاً ، ثم رعاية جانب اللفظ ثانياً على عكس المشهور ، وإن كان ذلك جائزاً على الصحيح كما لا يخفى على الخبير ، وقرأ أبو حيوة . وموسى الأسواري . وأبو البرهسم أم تقولون بتاء الخطاب .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ نَحۡنُ جَمِيعٞ مُّنتَصِرٞ} (44)

شرح الكلمات :

{ أم يقولون نحن جميع منتصر } : أي يقولون أي كفار قريش نحن جميع أي جمع منتصر على محمد وأصحابه .

/د44

الهداية

من الهداية :

- لا قيمة أبداً لقوة الإِنسان إزاء قوة الله تعالى .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ نَحۡنُ جَمِيعٞ مُّنتَصِرٞ} (44)

وهذا غير واقع ، بل غير ممكن عقلا وشرعا ، أن تكتب براءتهم في الكتب الإلهية المتضمنة للعدل والحكمة ، فليس من الحكمة نجاة أمثال هؤلاء المعاندين المكذبين ، لأفضل الرسل وأكرمهم على الله ، فلم يبق إلا أن يكون بهم قوة ينتصرون بها ، فأخبر تعالى أنهم يقولون : { نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ }