اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَمۡ يَقُولُونَ نَحۡنُ جَمِيعٞ مُّنتَصِرٞ} (44)

قوله : «أَمْ يَقُولُونَ » العامة على الغيبة ، وأبو حيوة وأبو البَرَهسم وموسى الأسوَاريّ بالخطاب{[54149]} ، جرياً على ما تقدم من قوله : «كُفَّارُكُمْ خَيْرٌ » . . . إلى آخره . والمعنى نحن جماعة لا نُطَاقُ لكثرة عددهمْ وقوتهم ، ولم يقل : منتصرين اتباعاً لرؤوس الآي{[54150]} .

وقال ابن الخطيب : قولهم : «جميعٌ » يحتمل الكثرة ، والاتّفاق{[54151]} ، ويحتمل أن يكون معناه نحن جميع الناس إشارة إلى أن من آمن لا عبرة به عندهم كقول قوم نوح : { أَنُؤْمِنُ لَكَ واتّبعك الأرذلون } [ الشعراء : 111 ] فيكون التنوين فيه عوضاً من الإضافة{[54152]} . وأفرد منتصر مراعاةً للفظ «جميع » أو يكون مرادهم كل واحد منتصر كقولك : كُلُّهُمْ عَالِمٌ أي كل واحد فيكون المعنى أن كل واحد منا غالب ؛ فردّ الله تعالى عليهم بأنهم يهزمون جَمِيعُهُمْ{[54153]} .


[54149]:قراءة شاذة ذكرها صاحب البحر المحيط 8/183.
[54150]:ذكره القرطبي في الجامع 17/145.
[54151]:كأنه قال: نحن كثير متفقون فلنا الانتصار، ولا يقوم غير هذه اللفظة مقامها من الألفاظ المفردة.
[54152]:وأسماه الرازي بقطع الإضافة قال "وعلى هذا جميع يكون التنوين فيه لقطع الإضافة كأنهم قالوا نحن جمع الناس" وانظر الرازي 15/68.
[54153]:بالمعنى من الرازي المرجع السابق.