مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{ثُمَّ إِنَّكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ تُبۡعَثُونَ} (16)

المرتبة التاسعة : قوله : { ثم إنكم يوم القيامة تبعثون } فالله سبحانه جعل الإماتة التي هي إعدام الحياة والبعث الذي هو إعادة ما يفنيه ويعدمه دليلين أيضا على اقتدار عظيم بعد الإنشاء والاختراع وههنا سؤالات :

السؤال الأول : ما الحكمة في الموت ، وهلا وصل نعيم الآخرة وثوابها بنعيم الدنيا فيكون ذلك في الإنعام أبلغ ؟ والجواب : هذا كالمفسدة في حق المكلفين لأنه متى عجل للمرء الثواب فيما يتحمله من المشقة في الطاعات صار إتيانه بالطاعات لأجل تلك المنافع لا لأجل طاعة الله ، يبين ذلك أنه لو قيل لمن يصلي ويصوم إذا فعلت ذلك أدخلناك الجنة في الحال ، فإنه لا يأتي بذلك الفعل إلا لطلب الجنة ، فلا جرم أخره الله تعالى وبعده بالإماتة ثم الإعادة ليكون العبد عابدا لربه بطاعته لا لطلب الانتفاع .

السؤال الثاني : هذه الآية تدل على نفي عذاب القبر لأنه قال : { ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون } ولم يذكر بين الأمرين الإحياء في القبر والإماتة . والجواب من وجهين : الأول : أنه ليس في ذكر الحياتين نفي الثالثة . والثاني : أن الغرض من ذكر هذه الأجناس الثلاثة الإنشاء والإماتة والإعادة ، والذي ترك ذكره فهو من جنس الإعادة .